المختار قد حملوا الكرسي الذي قال لهم المختار: هذا فيه سر، وإنه آية لكم كما كان التابوت آية لبني إسرائيل، قال: وهم يدعون حول الكرسي ويحفون به، فغضب ابن الأشتر وقال: اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، سنة بني إسرائيل إذ عكفوا على العجل.
وافتعل المختار كتابا عن ابن الحنفية يأمره فيه بنصر الشيعة، فذهب بعض الأشراف إلى ابن الحنفية، فقال: وددت أن الله انتصر لنا بمن شاء، فتوثب إبراهيم بن الأشتر، وكان بعيد الصوت كثير العشيرة، فخرج بالليل وقتل إياس بن مضارب أمير الشرطة، ودخل على المختار فأخبره، ففرح ونادى أصحابه في الليل بشعارهم، واجتمعوا فعسكر المختار بدير هند، وخرج أبو عثمان النهدي فنادى: يا ثارات الحسين، ألا إن أمير آل محمد قد خرج.
ثم التقى الفريقان من الغد، فاستظهر المختار، ثم اختفى ابن مطيع، وأخذ المختار يعدل ويحسن السيرة، وبعث في السر إلى ابن مطيع بمائة ألف - وكان صديقه قبل ذلك - وقال: تجهز بهذه واخرج، فقد شعرت أين أنت، ووجد المختار في بيت المال سبعة آلاف ألف، فأنفق في جنده وقواهم.
قال ابن المبارك، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة: حدثني معبد بن خالد قال: حدثني طفيل بن جعدة بن هبيرة قال: كان لجار لي زيات كرسي، وكنت قد احتجت، فقلت للمختار: إني كنت أكتمك شيئا، وقد بدا لي أن أذكره. قال: وما هو؟ قلت: كرسي كان لأبي يجلس عليه، كان يرى أن فيه أثرة من علم، قال: سبحان الله، أخرته إلى اليوم! قال: وكان ركبه وسخ شديد، فغسل وخرج عوادا نضارا، فجيء به وقد غشي، فأمر لي باثني عشر ألفا، ثم دعا: الصلاة جامعة، فاجتمعوا فقال: إنه لم يكن في الأمم الخالية أمر إلا وهو كائن في هذه الأمة مثله، وإنه كان في بني إسرائيل التابوت، وإن فينا مثل التابوت، اكشفوا عن هذا، فكشفوا الأثواب، وقامت السبئية فرفعوا أيديهم، فقام شبث من ربعي ينكر، فضرب.
فلما قتل عبيد الله بن زياد وجنده المقتلة الآتية ازداد أصحابه به فتنة،