وفيها وجه المختار أربعة آلاف فارس عليهم أبو عبد الله الجدلي وعقبة بن طارق، فكلم الجدلي عبد الله بن الزبير في محمد ابن الحنفية، وأخرجوه من الشعب، ولم يقدر ابن الزبير على منعهم، وأقاموا في خدمة محمد ثمانية أشهر، حتى قتل المختار وسار محمد إلى الشام.
فأما ابن الزبير فإنه غضب على المختار، وبعث لحربه أخاه مصعب بن الزبير وولاه جميع العراق، فقدم محمد بن الأشعث بن قيس وشبث بن ربعي إلى البصرة يستنصران على المختار، فسير المختار إلى البصرة أحمر بن شميط وأبا عمرة كيسان في جيش من الكوفة حتى نزلوا المذار، فسار إليهم مصعب بأهل البصرة، وعلى ميمنته وميسرته المهلب بن أبي صفرة الأزدي وعمر بن عبيد الله التيمي، فحمل عليهم المهلب فألجأهم إلى دجلة، ورموا بخيولهم في الماء وانهزموا، فاتبعوهم حتى أدخلوهم الكوفة، وقتل أحمر بن شميط وكيسان، وقتل من عسكر مصعب محمد بن الأشعث وعبيد الله بن علي بن أبي طالب، ودخل أهل البصرة الكوفة فحصروا المختار في قصر الإمارة، فكان يخرج في رجاله فيقاتل ويعود إلى القصر، حتى قتله طريف وطراف - أخوان من بني حنيفة - في رمضان، وأتيا برأسه إلى مصعب، فأعطاهما ثلاثين ألفا، وقتل بين الطائفتين سبعمائة. ويقال: كان المختار في عشرين ألفا فقتل أكثرهم، والله أعلم.
وقتل مصعب خلقا بدار الإمارة غدرا بعد أن أمنهم، وقتل عمرة بنت النعمان بن بشير الأنصاري امرأة المختار صبرا، لأنها شهدت في المختار أنه عبد صالح.
وبلغنا من وجه آخر أن طائفة من أهل الكوفة لما بلغهم مجيء مصعب تسربوا إليه إلى البصرة، منهم شبث بن ربعي وتحته بغلة قد قطع ذنبها وأذنها، وشق قباءه، وهو ينادي: يا غوثاه، وجاء أشراف أهل الكوفة وأخبروا مصعبا بما جرى، وبوثوب عبيدهم وغلمانهم عليهم مع المختار، ثم قدم عليهم محمد بن الأشعث، ولم يكن شهد وقعة الكوفة، بل كان في