الألم. وكنت لا أنام أنا في الليل، فعرفت أن زوال الألم من بركته.
وقال الشيخ رشيد الدين ابن المعلم: عذلت الشيخ في عدم دخول الحمام وتضييق عيشه في أكله ولبسه وأحواله، وقلت: أخشى عليك مرضاً يعطلك عن أشياء أفضل مما تقصده. فقال: إن فلاناً صام وعبد الله حتى اخضر. فعرفت أنه ليس له غرض في المقام في دارنا هذه، ولا يلتفت إلى ما نحن فيه.
قال: ورأيت رجلاً قشر خيارة ليطعمه إياها، فامتنع وقال: أخشى أن ترطب جسمي وتجلب النوم.
قال: وكان لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة بعد عشاء الآخرة، ولا يشرب إلا شربة واحدة عند السحر، ولا يشرب الماء المبرد، ولا يأكل فاكهة، فسألته فقال: دمشق كثيرة الأوقاف وأملاك المحجور عليهم، والتصرف لهم لا يجوز إلا على وجه الغبطة، والمعاملة فيها على وجه المساقاة، وفيها خلاف، والناس لا يفعلونها إلا على جزء من ألف جزء للمالك، فكيف تطيب نفسي بأكل ذلك؟
وقال لي شيخنا مجد الدين أبو عبد الله بن الظهير: ما وصل الشيخ تقي الدين ابن الصلاح إلى ما وصل إليه الشيخ محيي الدين من العلم في الفقه والحديث واللغة وعذوبة اللفظ.
فصل
وقد نفع الله الأمة بتصانيفه، وانتشرت في الأقطار وجلبت إلى الأمصار، فمنها: المنهاج في شرح مسلم، وكتاب الأذكار، وكتاب رياض الصالحين، وكتاب الأربعين حديثا، وكتاب الإرشاد في علوم الحديث، وكتاب التيسير في مختصر الإرشاد المذكور، وكتاب المبهمات، وكتاب التحرير في ألفاظ التنبيه، والعمدة في صحيح التنبيه، والإيضاح في المناسك، والإيجاز في المناسك، وله أربع مناسك أخر. وكتاب التبيان في آداب حملة القرآن، وفتاوى له. والروضة في أربع مجلدات، والمنهاج في المذهب، والمجموع في شرح المهذب، بلغ فيه إلى باب المصراة في أربع مجلدات كبار. وشرح قطعة من