خواطر الجماعة. وله غير رسالة إلى الملك الظاهر في الأمر بالمعروف.
قال ابن العطار: وقال لي المحدث أبو العباس بن فرح، وكان له ميعادان في الجمعة على الشيخ يشرح عليه في الصحيحين، قال: كان الشيخ محيي الدين قد صار إليه ثلاث مراتب، كل مرتبة منها لو كانت لشخص شدت إليه الرحال؛ المرتبة الأولى: العلم. والثانية: الزهد. والثالثة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. سافر الشيخ إلى نوى، وزار القدس والخليل، وعاد إلى نوى، وتمرض عند أبيه.
قال ابن العطار: فذهبت لعيادته ففرح، ثم قال لي: ارجع إلى أهلك. وودعته وقد أشرف على العافية، وذلك يوم السبت، ثم توفي ليلة الأربعاء.
قال: فبينا أنا نائم تلك الليلة إذا مناد ينادي على سدة جامع دمشق في يو جمعة: الصلاة على الشيخ ركن الدين الموقع. فصاح الناس لذلك، فاستيقظت فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون. فلما كان آخر يوم الخميس جاءنا وفاته، فنودي يوم الجمعة بعد الصلاة بموته، وصلي عليه صلاة الغائب.
قال الشيخ قطب الدين: وفي ليلة الأربعاء رابع وعشرين رجب توفي الشيخ محيي الدين النواوي صاحب التصانيف بنوى، ودفن بها. وكان أوحد زمانه في الورع والعبادة والتقلل وخشونة العيش والأمر بالمعروف. واقف الملك الظاهر بدار العدل غير مرة؛ وحكي عن الملك الظاهر أنه قال: أنا أفزع منه. وكانت مقاصده جميلة، ولي مشيخة دار الحديث.
قلت: وليها بعد موت أبي شامة سنة خمس وستين وإلى أن مات.
وقال شمس الدين ابن الفخر: كان إماماً، بارعاً، حافظاً، مفتياً، أتقن علوماً شتى، وصنف التصانيف الجمة. وكان شديد الورع والزهد، ترك جميع ملاذ الدنيا من المأكول إلا ما يأتيه به أبوه من كعك يابس وتين حوراني، والملبس إلا الثياب الرثة المرقعة، ولم يدخل الحمام، وترك الفواكه جميعها. وكان أماراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر على الأمراء والملوك والناس عامة، فنسأل الله أن يرضى عنه وأن يرضى عنا به.
وذكر مناقبه وفضله يطول، وترك جميع الجهات الدنياوية، ولم يكن