ثقله من العادلية وخرج إلى الأردو وأشار على من يعرف بالخروج من البلد، فأسرع إليه الأعيان وبذلوا في فداء البلد الأموال، والتمسوا منه أن يتوسط لهم، وكان شيخًا خبيثًا طماعًا وربما فعل ذلك خديعة وقيل: بل لين قازان للمغول، ثم خرج منه مرسوم في جوف الليل بأن: من عاودني في أمر دمشق يموت.
وأما الناس فباتوا في ليلة مزعجة، وأصبحوا في بلاء شديد وترد مفرط، وانضم جماعة إلى شيخ المشايخ يرومون الاحتماء به، وهو في ذلك مصمم لا يفرج عنهم كربة ولا يرق لمسلم.
ثم لطف الله وبطل ذلك، ولكن أضعف المقرر على الناس وجبيت الأموال وناب الناس في الترسيم أموال كثيرة، فكان إذا وضع على الإنسان عشرة آلاف ينوبه ترسيم نحو الألفين، وأخذ هذه الأيام من البلد أكثر من عشرة آلاف فرس وسائر الحمير ووقع الضرب والتعليق والعصر، وقرر على سوق الخواصين مائة ألف درهم وعلى الرماحين مائة ألف وعلى أهل سوق علي ستون ألفًا، وعلى الكبار مثل ابن المنجى وابن القلانسي سبعون ألفًا سبعون ألفًا ويلحقها تتمة المائة ألف، والطبقة الثانية ثلاثون ألفًا ونحو ذلك، وألزموا المبيت بالجامع بالمشهد الجديد، وأخرق بالكبار وضرب جماعة من الأماثل وكثر النهب وتشليح من يتطرف، واشتد ذلك يوم الجمعة ثامن وعشرين الشهر، وكثرت الضجة بأعالي الدور وهرب الناس من أسطحتهم، وحمل الشيخ شمس الدين ابن غانم إلى الجامع مريضًا وطلب منه مائة ألف، وصودر الفامية والقصابون، وكان مشد المصادرة علاء الدين أستاذ دار قبجق والذي يقرر على الناس الصفي السنجاري، قدم مع التتار والحن والبن أولاد الحريري، وكثرت العوانية وظهرت النفوس الخبيثة بالأذية والمرافعة ونهب أهراء الأمراء ودورهم.
وذكر الشيخ وجيه الدين ابن المنجى أن الذي حمل إلى خزانة قازان ثلاثة آلاف ألف وستمائة ألف درهم سوى ما تمحق من الترسيم والبرطيل وسوى ما استخرج لغيره من الكبار، بحيث إنه اتصل إلى شيخ الشيوخ ما يقارب ستمائة ألف درهم.