أمرهم ما لا تعرف، لو ثبتوا عليه كانوا إخواننا. وقتل في المعركة: عمار بن يزيد الكلبي، وأبو خيثمة بن عبد الله.
ثم قال شبيب لأصحابه: ارفعوا عنهم السيف، ودعا الناس إلى طاعته وبيعته، فبايعوه، ثم هربوا ليلا.
هذا كله قبل أن يقدم جيش الشام، فتوجه شبيب نحو الكوفة، وقد دخلها عسكر الشام، فشدوا ظهر الحجاج وانتعش بهم، واستغنى بهم عن عسكر الكوفة، وقال: يا أهل الكوفة لا أعز الله بكم من أراد بكم العز، الحقوا بالحيرة، فانزلوا مع اليهود والنصارى، ولا تقاتلوا معنا، وحنق بهم، وهذا مما يزيد فيه بغضا.
ثم إنه وجه الحارث بن معاوية الثقفي في ألف فارس في الكشف، فالتمس شبيب غفلتهم والتقوا، فحمل شبيب على الحارث فقتله، وانهزم من معه، ثم جاء شبيب فنازل الكوفة، وحفظ الناس السكك، وبنى شبيب مسجدا بطرف السبخة، فخرج إليه أبو الورد مولى الحجاج في عدة غلمان، فقاتل حتى قتل، ثم خرج طهمان مولى الحجاج في طائفة، فقتله شبيب.
ثم إن الحجاج خرج من قصر الكوفة، فركب بغلا، وخرج في جيش الشام، فلما التقى الجمعان نزل الحجاج وقعد على كرسي، ثم نادى: يا أهل الشام، أنتم أهل السمع والطاعة والصبر واليقين، لا يغلبن باطل هؤلاء حقكم، غضوا الأبصار، واجثوا على الركب، واشرعوا إليهم بالأسنة. وكان شبيب في ست مائة، فجعل مائتين معه كردوسا، ومائتين مع سويد بن سليم، ومائتين مع المحلل بن وائل، فحمل سويد عليهم، حتى إذا غشي أطراف الأسنة وثبوا في وجوههم يطعنوهم قدما قدما، فانصرفوا، فأمر الحجاج بتقديم كرسيه، وصاح في أصحابه فحمل عليهم شبيب، فثبتوا، وطال القتال، فلما رأى شبيب صبرهم نادى: يا سويد احمل على أهل هذا السكة لعلك تزيل أهلها عنها، فتأتي الحجاج من ورائه ونحن من أمامه، فحمل سويد على أهل السكة، فرمي من فوق البيوت، فرد.
قال أبو مخنف: فحدثني فروة بن لقيط الخارجي، قال: فقال لنا شبيب يومئذ: يا أهل الإسلام، إنما شرينا الله، ومن شرى الله لم يكثر عليه