للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سياسيًا له اتصال بالأحداث ومشاهدة لها، لذلك عُني بالنقل منه، بل اختصر كتابه "المعجب" (١).

كل هذا والذهبي لا يعتني بالحوادث عنايته بالتراجم، ولذلك وجدناه في التراجم يولي هذه الناحية جل عنايته، وعظيم اهتمامه. ولعل من أبرز مظاهر تلك العناية هو اهتمام الذهبي بمعاجيم الشيوخ والمشيخات (٢) ومحاولة استقصائها ولما كانت مثل هذه الكتب لا تضم بين دفتيها سوى الشيوخ الذين اتصل بهم صاحبُ المعجم أو المشيخة وتلقى العلمَ عنهم بالسماع أو الإجازة (٣)، لذلك تعد من أنفس المصادر المعاصرة، فهي تحتوي على معلومات دقيقة لا تتوفر في غيرها من المصادر، وتمتاز عمومًا بالدقة والتحري بعد المشاهدة والاتصال وقد صرت أعتقد فتيجة لدراستي الخاصة في هذه الناحية أنها المُكَوِّنُ الرئيس لكتب التراجم.

وقد حاول الذهبيُّ جاهدًا أن يستوعب كل ما يقف عليه من هذه المعاجيم والمشيخات ويفيد منها في كتابه. وقد وقف على أكثر من مئتي معجم ومشيخة (٤)، وقد كان كثير منها يبلغ عددًا من المجلدات، فانتقى منها ما اتفق والخطة العامة لكتابه.

وإذا كان الذهبي قد جوّز لنفسه في بعض الأحيان أن يعتمد موارد غير


(١) ينظر كتابنا: الذهبي ومنهجه ٢٤٩.
(٢) انظر عن معاجيم الشيوخ والمشيخات بحثنا: "معاجيم الشيوخ والمشيخات وأهميتها في دراسة التاريخ الإسلامي" مجلة الأقلام، العدد السابع من السنة الخامسة (بغداد ١٩٦٩) ومقدمتنا لكتاب: مشيخة النعال البغدادي ص ١٤ فما بعد (بغداد ١٩٧٥) ورسالة الدكتور أكرم العمري: موارد الخطيب، ص ٤١٨ فما بعد. والفرق بين معجم الشيوخ والمشيخة هو في الترتيب، فمعجم الشيوخ هو ما رتب على حروف المعجم، أما المشيخة فترتب بأشكال أخرى في الأغلب الأعم.
(٣) قلنا سابقًا إن الإجازة كانت تحتوي معلومات عن المُجِيز يكتبها هو، ومن ثم يستفيد مخرج المشيخة من هذه المعلومات عند تخريجه لها، فيكتبها على لسان صاحب المعجم أو المشيخة.
(٤) ولابد أنه فاته الكثير منها فهذا العدد قليل إذا قيس بما وصل إلينا من أسمائها، ولكن كثيرًا منها كان مصيرها الضياع والتلف بسبب عدم عناية النساخ بنسخ أكثرها، وقد قال السخاوي في نهاية القرن التاسع: "ولست أستبعد زيادتهم على الألف"، الإعلان ص ٦٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>