للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أواخر عُمُره، وكان ديِّنًا يقومُ من الليل (١). وقد يَسرت له صنعتُهُ رخاءً وغِنَىً، فأعتقَ من ماله خمسَ رِقابٍ (٢)، وتزوَّجَ من ابنةِ رجلٍ مَوْصِلي الأصلِ هو علم الدين أبو بكر سنجر بن عبد الله عُرِفَ بغناه وكان "خيرًا عاقلًا مديرا للمَنَاشير بديوان الجَيْش … وخَلَّفَ خمسةَ عشر ألفًا" (٣) من الدَّنانير. وأَجَلَّهُ عِلْمه وغناه ومروءته مكانًا جعلت خَلْقًا من أهلِ دمشق يشيعونه يوم وفاته في آخر جُمادى الأولى سنة ٦٩٧ هـ يؤمهم قاضي القضاة يومئذ عز الدين بن جماعة الكِناني (٤).

وعُرفَ محمد بابن الذَّهبِيِّ، نسبةً إلى صنعةِ أبيه، وكان هو يُقَيدُ اسمَهُ "ابن الذهبي" (٥). ويبدو أنه اتخذَ صنعةَ أبيه مهنةً له في أول أمره لذلك عُرفَ عند بعض معاصريه بـ "الذَّهبي" مثل الصلاح الصَّفدي (٦) وتاج الدين السُّبكي (٧) والحُسينيّ (٨) وعماد الدين بن كثير (٩) وغيرهم.

وعاش طفولتَهُ بين أكنافِ عائلةٍ علميةٍ متدينةٍ، فكانت مرضعتُهُ وعمتُه ستُّ الأهلِ بنتُ عثمان، الحاجة أم محمد، قد حصلت على الإجازة من ابن أبي اليَسَر (١٠)، وجمالِ الدين بن مالك، وزهير بن عُمر الزُّرَعِيِّ وجماعةٍ آخرين،


(١) الذهبي: تاريخ الإسلام (وفيات ٦٩٧) نسخة أيا صوفيا ٣٠١٤، ومعجم الشيوخ، م ١ ورقة ١٣، والصفدي: الوافي ٧/ ١٧٩.
(٢) كان من بينهم فك أسر امرأتين من أسر الفرنجة من عكا (انظر المصادر في الهامش السابق).
(٣) الذهبي: معجم الشيوخ، م ١ الورقة ٥٥. وتوفي سنة ٦٨٦.
(٤) الذهبي: معجم الشيوخ، م ١ الورقة ١٣.
(٥) ونسبته بـ "ابن الذهبي" مقيدة بخطه في معظم الكتب والطبقات التي بخطه مثل طبقة سماع كتاب أهل المئة فصاعدًا (ص ١١١ بتحقيقنا)، وطرر المجلدات التي وصلت بخطه من تاريخ الإسلام (نسخة أيا صوفيا) وطبقة سماع لكتاب "الكاشف" له (نسخة التيمورية رقم ١٩٣٦) وجاء في أول معجم شيوخه: "أما بعد، فهذا معجم العبد المسكين محمد بن أحمد … ابن الذهبي".
(٦) الوافي، ج ٢ ص ١٦٣ ونكت الهميان، ص ٢٤١.
(٧) طبقات الشافعية الكبرى ج ٩ ص ١٠٠.
(٨) ذيل تذكرة الحفاظ، ص ٣٤.
(٩) البداية والنهاية، ج ١٤ ص ٢٢٥.
(١٠) انظر في ضبط "اليَسَر" بفتحتين: توضيح المشتبه ١/ ٥٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>