للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذه البيئة الفِكْرية والعقائدية المُضْطَربة وُلِدَ مؤرخُ الإسلام شمسُ الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عُثمان بن قايماز بن عبد الله الذَّهبِيُّ في شهر ربيع الآخرِ سنة ٦٧٣ هـ (١). وكان من أُسرة تُركمانية الأصل، تنتهي بالولاء إلى بني تمِيم (٢)، سكنت مدينة مَيّافارقين من أشهر مُدن ديار بكر (٣). ويبدو أن جد أبيه قايماز قضى حياتَهُ فيها (٤)، وتُوفي سنة ٦٦١ هـ وقد جاوزَ المِئة، قال الذَّهبيُّ: "قايماز ابن الشيخ عبد الله التُّركمانيُّ الفارقيُّ جد أبي. قال لي ابن عَمِّ والدي علي بن فارس النجار: تُوفي جدُّنا عن مئة وتسع سنين. قلت: عُمِّرَ وأُضِرَّ بأَخَرةٍ، وتوفِّي سنة إحدى وستين وست مئة" (٥)، وكان قد حج (٦).

وكان جد فخرُ الدين أبو أحمد عُثمان أُميًا لم يكن له حظٌّ من عِلْم، قد أتخذَ من النِّجارة صنعةً له، لكنه كان "حَسَن اليَقِين بالله" (٧). ويبدو أنه هو الذي قَدِمَ إلى دمشق واتخذها سكنًا له، وتوفي بعد ذلك بها سنة ٦٨٣ هـ وهو في عَشْر السبعين (٨).

أما والده شهاب الدين أحمد فقد وُلِدَ سنة ٦٤١ هـ تقريبًا، وعَدَلَ عن صَنْعة أَبيه إلى صنعةِ الذهب المَدْقوق، فبرعَ بها وتَمَيَّزَ، وعُرِفَ بالذَّهبي، وطلبَ العلمَ، فَسمِعَ "صحيحَ البخاري" سنة ٦٦٦ هـ من المِقْداد القَيْسي، وحَجَّ في


(١) انظر مثلًا: الذهبي: تاريخ الإسلام ١٥/ ٢٧١ من طبعتنا، الصفدي: الوافي، ج ٢ ص ١٦٤، ونكت الهميان، ص ٢٤٢، وذكر ابن حجر أن مولده في الثالث من الشهر المذكور (الدرر، ص ٣ ص ٤٢٦).
(٢) كتب الذهبي بخطه على طرة المجلد التاسع عشر من تاريخ الإسلام (نسخة أيا صوفيا ٣٠١٢) "تأليف محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز مولى بني تميم".
(٣) ياقوت: معجم البلدان، ج ٤ ص ٧٠٣ فما بعد.
(٤) لم يذكر الذهبي في نسبته أنه دمشقي، بل قال: "الفارقي"، مما يدل على أنه لم ينتقل إلى دمشق. وذكر الدكتور صلاح الدين المنجد في مقدمة "سير أعلام النبلاء" أن قايماز هو الذي قَدِم دمشق وأشار إلى معجم الشيوخ، ولم نجد لذلك دليلًا في مصدره (ج ١ ص ١٥) وانظر معجم الشيوخ (م ١ الورقة ٨٩).
(٥) الذهبي: أهل المئة فصاعدًا، ص ١٣٧، ومعجم الشيوخ، م ١ ورقة ٨٩.
(٦) الذهبي: معجم الشيوخ، م ١ ورقة ٨٩.
(٧) الذهبي: معجم الشيوخ، م ١ ورقة ٨٩.
(٨) المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>