وقال علي ابن المديني: لا أعلم في التابعين أوسع علما منه، هو عندي أجل التابعين.
وقال أحمد بن حنبل وغيره: مرسلات سعيد بن المسيب صحاح.
قلت: قد مر في ترجمة هشام بن إسماعيل أنه ضرب سعيد بن المسيب ستين سوطا.
قال ابن سعد: ضرب سعيدا حين دعاه إلى بيعة الوليد، إذ عقد له أبوه عبد الملك بالخلافة، فأبى سعيد وقال: أنظر ما يصنع الناس، فضربه هشام وطوف به وحبسه، فأنكر ذلك عبد الملك ولم يرضه، فأخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن جعفر وغيره أن عبد العزيز بن مروان توفي، فعقد عبد الملك لابنيه العهد، وكتب بالبيعة لهما إلى البلدان، وأن عامله يومئذ على المدينة هشام المخزومي، فدعا الناس إلى البيعة، فبايعوا، وأبى سعيد بن المسيب أن يبايع لهما، وقال: حتى أنظر، فضربه ستين سوطا، وطاف به في تبان من شعر حتى بلغ به رأس الثنية، فلما كروا به قال: إلى أين؟ قالوا: السجن. قال: والله لولا أني ظننت أنه الصلب ما لبست هذا التبان أبدا. فردوه إلى السجن، وكتب هشام إلى عبد الملك بخلافه، فكتب إليه عبد الملك يلومه فيما صنع به، ويقول: سعيد كان والله أحوج إلى أن تصل رحمه من أن تضربه، وإنا لنعلم ما عند سعيد شقاق ولا خلاف.
وعن عبد الله بن يزيد الهذلي قال: دخلت على سعيد بن المسيب السجن، فإذا هو قد ذبحت له شاة، فجعل الإهاب على ظهره، ثم جعلوا له بعد ذلك قضبا رطبا، وكان كلما نظر إلى عضديه قال: اللهم انصرني من هشام.
وروي أن أبا بكر بن عبد الرحمن دخل على سعيد السجن، فجعل يكلمه ويقول: إنك خرقت به ولم ترفق. فقال: يا أبا بكر، اتق الله وآثره على ما سواه. وأبو بكر يقول: إنك خرقت به. فقال: إنك والله أعمى البصر والقلب، ثم ندم هشام بعد وخلى سبيله.
وقال يوسف بن يعقوب الماجشون، عن المطلب بن السائب قال: