وعن أبي الزناد قال: ما رأيت أحدا أروى للشعر من عروة.
وعن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: العلم لواحدٍ من ثلاثة؛ لذي حسب يزينه، أو ذي دينٍ يسوس به دينه، أو مختلط بسلطان يتحفه بعلمه. ولا أعلم أحدا أشرط لهذه الخلال من عروة بن الزبير وعمر بن عبد العزيز.
وقال عبد الله بن شوذب: كان عروة يقرأ ربع القرآن كل يوم في المصحف نظرا، ويقوم به الليل، فما تركه إلا ليلة قطعت رجله، وكان وقع فيها الآكلة فنشرها، وكان إذا كان أيام الرطب يثلم حائطه، ثم يأذن فيه للناس فيدخلون فيأكلون ويحملون.
وقال معمر، عن الزهري قال: وقعت في رجل عروة الآكلة فصعدت في ساقه، فدعا به الوليد، ثم أحضر الأطباء وقالوا: لا بد من قطع رجله، فقطعت، فما تضور وجهه.
وقال عامر بن صالح، عن هشام بن عروة: إن أباه خرج إلى الوليد بن عبد الملك، حتى إذا كان بوادي القرى، وجد في رجله شيئا فظهرت به قرحة، ثم ترقى به الوجع، فلما قدم على الوليد قال: يا أبا عبد الله، اقطعها. قال: دونك، فدعا له الطبيب وقال له: اشرب المرقد. فلم يفعل، فقطعها من نصف الساق، فما زاد على أن يقول: حس حس. فقال الوليد: ما رأيت شيخا قط أصبر من هذا. وأصيب عروة في ذلك السفر بابنه محمد؛ ركضته بغلة في إصطبل، فلم يسمع منه كلمة في ذلك، فلما كان بوادي القرى قال:{لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} اللهم كان لي بنون سبعة فأخذت منهم واحدا وأبقيت لي ستة، وكان لي أطرافٌ أربعة فأخذت طرفا وأبقيت ثلاثة، فإن ابتليت لقد عافيت، ولئن أخذت لقد أبقيت.
ولهذه الحكاية طرق.
وعن عبد الله بن عروة أن أباه نظر إلى رجله في الطست فقال: الله يعلم أني ما مشيت بها إلى معصية قط، وأنا أعلم.