وقال إبراهيم بن المنذر: حدثنا حسين بن زيد قال: حدثنا عمر بن علي أن علي بن الحسين كان يلبس كساء خز بخمسين دينارا، يلبسه في الشتاء، فإذا كان الصيف تصدق بثمنه، ويلبس في الصيف ثوبين ممشقين من ثياب مصر، ويقرأ:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}
وعن جعفر الصادق أن علي بن الحسين كان إذا سار على بغلته في سكك المدينة لم يقل لأحدٍ: الطريق، وكان يقول: الطريق مشترك ليس لي أن أنحي عنه أحدا.
وروي أن هشام بن عبد الملك حج قبل الخلافة، فكان إذا أراد استلام الحجر زوحم عليه، وكان علي بن الحسين إذا دنا من الحجر تفرقوا عنه إجلالا له، فوجم لذلك هشام وقال: من هذا فما أعرفه؟ وكان الفرزدق واقفا فقال: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم إذا رأته قريشٌ قال قائلها إلى مكارم هذا ينتهي الكرم يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم يغضي حياء ويغضى من مهابته فلا يكلم إلا حين يبتسم هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله بجده أنبياء الله قد ختموا وهي طويلة مشهورة، فأمر هشام بحبس الفرزدق، فحبس بعسفان. وبعث إليه علي بن الحسين باثني عشر ألف درهم، وقال: اعذر أبا فراسٍ، فردها وقال: ما قلت ذلك إلا غضبا لله ولرسوله، فردها عليه وقال: بحقي عليك لما قبلتها، فقد علم الله نيتك ورأى مكانك، فقبلها، وهجا هشاما بقوله:
أيحبسني بين المدينة والتي إليها قلوب الناس يهوي منيبها يقلب رأسا لم يكن رأس سيدٍ وعينين حولاوين بادٍ عيوبها قلت: وليس للحسين رضي الله عنه عقبٌ إلا من زين العابدين، وأمه أمة، وهي سلافة بنت يزدجرد آخر ملوك فارس. وقيل: غزالة كما تقدم،