من يضمه؟ فقال يزيد بن المهلب: أنا أضمه. قال: ضمه إليك ولا تضيق عليه، فأقام عنده أياما، وتوسط بينه وبين سليمان وافتدى منه بألف ألف دينار، ويقال: إن يزيد قال له: كم تعد من مواليك وأهل بيتك؟ قال: كثير. قال يزيد: يكونون ألفا؟ قال: وألف ألف، فقال يزيد: وأنت على هذا وتلقي بيدك إلى التهلكة، أفلا أقمت في قرار عزك وسلطانك وبعثت بالتقادم، فإن أعطيت الرضا، وإلا فأنت على عزك! قال: لو أردت ذلك لصار، ولكني آثرت الله ولم أر الخروج، قال يزيد: كلنا ذلك الرجل، أراد بذلك قدومه هو على الحجاج.
وقال سليمان يوما لموسى: ما كنت تفزع إليه عند حربك؟ قال: الدعاء والصبر، قال: فأي الخيل رأيتها أصبر؟ قال الشقر، قال: فأي الأمم أشد قتالا؟ قال: هم أكثر من أن أصف، قال: فأخبرني عن الروم، قال: أسدٌ في حصونهم، عقبانٌ على خيولهم، نساءٌ في مراكبهم، إن رأوا فرصة افترصوها، وإن رأوا غلبة فأوعال تذهب في الجبال، لا يرون الهزيمة عارا، قال: فأخبرني عن البربر، قال: هم أشبه العجم بالعرب لقاء ونجدة وصبرا وفروسية وشجاعة، غير أنهم أغدر الناس، ولا وفاء لهم ولا عهد، قال: فأخبرني عن أهل الأندلس، قال: ملوك مترفون وفرسان لا يجبنون، قال: فأخبرني عن الفرنج، قال: هناك العدد والجلد والشدة والبأس والنجدة، قال: فكيف كانت الحرب بينك وبينهم؟ قال: أما هذا فوالله ما هزمت لي رايةٌ قط، ولا بدد جمعي، ولا نكب المسلمون معي منذ اقتحمت الأربعين إلى أن بلغت الثمانين، ثم قال: والله لقد بعثت لأخيك الوليد بتورٍ من زبرجدٍ أخضر كان يجعل فيه اللبن حتى يرى فيه الشعرة البيضاء، ثم جعل يعدد ما أصاب من الجوهر والزبرجد حتى بهت سليمان وتعجب.
وبلغنا أن النصيري من ولد موسى بن نصير، قال: دخل موسى مع مروان مصر، فتركه مع ابنه عبد العزيز بن مروان، ثم كان مع بشر بن مروان وزيرا بالعراق.
وقال الفسوي: ولي موسى إفريقية سنة تسعٍ وسبعين، فافتتح بلادا كثيرة، وكان ذا حزمٍ وتدبير.
وذكر النصيري أن موسى بن نصير، قال يوما: أما والله لو انقاد الناس إلي لقدتهم حتى أوقفهم على رومية ثم ليفتحنها الله علي يدي - إن شاء الله -.