يدعوه إلى الله في هذه السنة، بل ذلك مسكوت عنه، وإنما كان ذلك بعد النجاشي الأول المسلم وموته كما سيأتي في سنة تسع، والله أعلم.
وقال إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس - أنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه إليه مع دحية الكلبي، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر. فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر، وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكرا لما أبلاه الله تعالى. فلما أن جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين قرأه: التمسوا لي ها هنا أحدا من قومه لنسألهم.
قال ابن عباس: فأخبرني أبو سفيان أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا للتجارة في المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش.
قال أبو سفيان: فوجدنا رسول قيصر ببعض الشام، فانطلق بنا حتى قدمنا إيلياء، فأدخلنا عليه، فإذا هو جالس في مجلسه وعليه التاج، وحوله عظماء الروم، فقال لترجمانه: سلهم أيهم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قلت: أنا أقربهم إليه نسبا. قال: ما قرابة ما بينك وبينه؟ قلت: هو ابن عمي. قال: وليس في الركب يومئذ أحد من بني عبد مناف غيري.
قال: أدنوه مني. ثم أمر بأصحابي، فجعلهم خلف ظهري، عند كتفي. ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه: إني سائله عن هذا الذي يزعم أنه نبي، فإن كذب فكذبوه!
قال أبو سفيان: والله لولا الحياء يومئذ أن يأثر عني أصحابي الكذب لكذبته عنه. ثم قال لترجمانه: قل له: كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول أحد منكم قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: