للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طائفة الأحمدية، أتباع الشيخ أحمد الرفاعي (١). وهو يذكر أن علم المنطق "نفعهُ قليلٌ وضرره وبيلٌ وما هو من علوم الإسلام" (٢)، ويقول عن الفلسفة: "الفلسفة الإلهية ما ينظر فيها مَنْ يُرْجَى فلاحهُ ولا يركن إلى اعتقادها مَنْ يلوح نجاحه؛ فإن هذا العلم في شق وما جاءت به الرسل في شق، ولكن ضلال مَنْ لم يدر ما جاءت به الرسل كما ينبغي بالحكمة أشر ممن يدري، واغوثاه باللّه، إذا كان الذين قد انتدبوا للرد على الفلاسفة قد حاروا ولحقتهم كسفة فما الظن بالمردود عليهم؟! " (٣).

ثم كان لهذه الرفقة، أعني رفقةَ ابن تيمية، أنْ جعلت بعضَ الناس يجدون فيها سببًا لطعنهم في كتاباتهم بسبب اعتقادهم بتحيزها (٤). وقد أثارت هذه المطاعنُ نقاشًا بين علماء عصره، وعند العلماء الذين جاؤوا بعده (٥) وهو ما سوف نبحثه عند كلامنا على منهجه في تاريخ الإسلام (٦).

ومع أن كثيرًا من الانتقادات التي وجهت إلى الذهبيِّ بسبب العقائد كان يغلب عليها طابَعُ التحاملِ والتعصب (٧). إلا أننا في الوقت نفسه يجب أن نعترف بأنَّ تكوينه الفكري العام قد ارتبط ارتباطًا شديدًا بالحديث والمحدثين ونظرتهم إلى العلوم والعلماء وفلسفتهم تجاه العلوم العقلية. وقد أثر ذلك، كما سنرى، في منهجه التاريخي تأثيرا واضحًا حينما ربطه بالحديث النبوي الشريف وعلومه فاهتم اهتمامًا كبيرًا بالتراجم حتى صارت أساسَ كتابه ومحور تفكيره. ثم أثر تكوينه الفكري هذا في نظرته إلى الأحداثِ التاريخية وأسس


= الورقة ٨٥).
(١) قال في ترجمة ثعلب بن جامع الصعيدي الأحمدي البازدار المتوفى سنة ٧٢٥ هـ: "كان من كبار الأحمدية، وله أتباع، ثم إنه تاب وترك تلك الرعونات" (معجم الشيوخ، م ١ الورقة ٤٠).
(٢) الذهبي: بيان زغل العلم، ص ٢٤ وقال في ترجمة أحد شيوخه: "ثم دخل في المنطق، فاللّه يسلم، ثم أقبل على شأنه" معجم الشيوخ، م ١ ورقة ٦٦ - ٦٧.
(٣) الذهبي: بيان زغل العلم، ص ٢٥ - ٢٦ وانظر معجم الشيوخ، م ٢ الورقة ٤٩.
(٤) السبكي: معيد النعم، ص ٧٤، والطبقات، ج ٢ ص ١٣ - ١٥، ٢٢ - ٢٥، ج ٩ ص ١٠٣.
(٥) السخاوي: الإعلان، ص ٤٩٩ فما بعد، وابن عبد الهادي: معجم الشافعية، الورقة ٤٧ - ٤٨.
(٦) انظر أدناه الباب الثاني تجد فيه تفصيلًا مغنيًا.
(٧) انظر الفصل الأخير من الباب الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>