اليمين يقول: أيها الناس، هلموا، إني أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله فلا ينثني أحد، وركبت الإبل بعضها بعضا.
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس، ومعه رهط من أهل بيته ورهط من المهاجرين، والعباس آخذ بحكمة بغلته البيضاء. وثبت معه علي، وأبو سفيان وربيعة ابنا الحارث، والفضل بن عباس، وأيمن بن أم أيمن، وأسامة. ومن المهاجرين أبو بكر وعمر.
قال: ورجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء أمام هوازن، إذا أدرك الناس طعن برمحه، وإذا فاته الناس رفع رمحه لمن وراءه فيتبعوه.
فلما انهزم من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن، فقال أبو سفيان بن حرب: لا تنتهي هزيمتهم دون البحور، وإن الأزلام لمعه في كنانته.
قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر قال: سار أبو سفيان إلى حنين، وإنه ليظهر الإسلام، وإن الأزلام التي يستقسم بها في كنانته.
قال شيبة بن عثمان العبدري: اليوم أدرك ثأري - وكان أبوه قتل يوم أحد - اليوم أقتل محمدا. قال: فأدرت برسول الله لأقتله، فأقبل شيء حتى تغشى فؤادي، فلم أطق، فعرفت أنه ممنوع.
وحدثني عاصم عن عبد الرحمن، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسل حين رأى من الناس ما رأى قال: يا عباس، اصرخ: يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة فأجابوا: لبيك لبيك، فجعل الرجل منهم يذهب ليعطف بعيره، فلا يقدر على ذلك، فيقذف درعه من عنقه، ويؤم الصوت، حتى اجتمع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم مائة.
فاستعرضوا الناس، فاقتتلوا، وكانت الدعوة أول ما كانت للأنصار، ثم جعلت آخرا بالخزرج، وكانوا صبرا عند الحرب. وأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركائبه، فنظر إلى مجتلد القوم فقال: الآن حمي الوطيس. قال: فوالله ما رجعت راجعة الناس إلا والأسارى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتل الله من قتل منهم، وانهزم من انهزم منهم، وأفاء الله على رسوله أموالهم ونساءهم وأبناءهم.