للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن معاذ قال لرسول الله : ألا نبني لك عريشا، فتكون فيه، وننيخ لك ركائبك ونلقى عدونا، فإن أظهرنا الله عليهم فذاك، وإن تكن الأخرى فتجلس على ركائبك وتلحق بمن وراءنا من قومنا. فقد تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد لك حبا منهم، ولو علموا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك، ويوادونك وينصرونك. فأثنى عليه رسول الله خيرا ودعا له. فبني لرسول الله عريش، فكان فيه وأبو بكر ما معهما غيرهما.

وقال البخاري (١): حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا إسرائيل، عن مخارق، عن طارق بن شهاب، سمع ابن مسعود يقول: شهدت من المقداد مشهدا لأن أكون صاحبه كان أحب إلي مما عدل به: أتى النبي ، وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول لك كما قال قوم موسى لموسى: فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن نقاتل عن يمينك وعن شمالك، ومن بين يديك ومن خلفك، قال: فرأيت رسول الله أشرق لذلك، وسره.

وقال مسلم (٢) وأبو داود (٣): حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس أن رسول الله ندب أصحابه فانطلق إلى بدر، فإذا هم بروايا قريش، فيها عبد أسود لبني الحجاج، فأخذه أصحاب النبي فجعلوا يسألونه: أين أبو سفيان؟ فيقول: والله مالي بشيء من أمره علم، ولكن هذه قريش قد جاءت، فيهم أبو جهل، وعتبة، وشيبة ابنا ربيعة، وأمية بن خلف. قال: فإذا قال لهم ذلك ضربوه. فيقول: دعوني دعوني أخبركم. فإذا تركوه قال كقوله سواء. والنبي يصلي وهو يسمع ذلك. فلما انصرف قال: والذي نفسي بيده إنكم لتضربونه إذا صدقكم وتدعونه إذا كذبكم. هذه قريش قد أقبلت لتمنع أبا سفيان.

قال أنس: وقال رسول الله : هذا مصرع فلان غدا؛ ووضع يده على


(١) البخاري ٥/ ٩٣، ودلائل النبوة ٣/ ٤٥ - ٤٦.
(٢) مسلم ٥/ ١٧٠ و ٨/ ١٦٣.
(٣) أبو داود (٢٦٨١)، ودلائل النبوة ٣/ ٤٦. وانظر المسند الجامع، حديث (١٢٦٢).