وقال ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة. وقاله موسى بن عقبة - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى حنين، فخرج معه أهل مكة، لم يتغادر منهم أحد ركبانا ومشاة، حتى خرج النساء مشاة ينظرون ويرجون الغنائم، ولا يكرهون الصدمة برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وقال ابن عقبة: جعل أبو سفيان كلما سقط ترس أو سيف من الصحابة، نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطونيه أحمله حتى أوقر جمله.
قالا: فلما أصبح القوم اعتزل أبو سفيان وابنه معاوية، وصفوان بن أمية، وحكيم بن حزام - وراء تل، ينظرون لمن تكون الدبرة. وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستقبل الصفوف فأمرهم، وحضهم على القتال.
فبينا هم على ذلك حمل المشركون عليهم حملة رجل واحد، فولوا مدبرين. فقال حارثة بن النعمان: لقد حزرت من بقي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أدبر الناس، فقلت: مائة رجل.
ومر رجل من قريش على صفوان، فقال: أبشر بهزيمة محمد وأصحابه، فوالله لا يجتبرونها أبدا. فقال: أتبشرني بظهور الأعراب؟ فوالله لرب من قريش أحب إلي من رب من الأعراب، ثم بعث غلاما له فقال: اسمع لمن الشعار؟ فجاءه الغلام فقال: سمعتهم يقولون: يا بني عبد الرحمن، يا بني عبد الله، يا بني عبيد الله. فقال: ظهر محمد.
وكان ذلك شعارهم في الحرب، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غشيه القتال قام في الركابين.
ويقولون: رفع يديه إلى الله تعالى يدعوه، يقول: اللهم، إني أنشدك ما وعدتني، اللهم لا ينبغي لهم أن يظهروا علينا. ونادى أصحابه: يا أصحاب البيعة يوم الحديبية، الله الله، الكرة على نبيكم.
ويقال: قال: يا أنصار الله وأنصار رسوله، يا بني الخزرج، وأمر من يناديهم بذلك، وقبض قبضة من الحصباء فحصب بها وجوه المشركين، ونواحيهم كلها، وقال: شاهت الوجوه.
وأقبل إليه أصحابه سراعا، وهزم الله المشركين، وفر مالك بن عوف حتى دخل حصن الطائف في ناس من قومه.
وأسلم حينئذ ناس كثير من أهل مكة حين رأوا نصر الله رسوله.