ثم ما لقيتموني بخيلا ولا جبانا ولا كذابا. ثم قام إلى جنب بعير وأخذ من سنامه وبرة فجعلها بين إصبعيه وقال: أيها الناس، والله ما لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس، والخمس مردود عليكم. فأدوا الخياط والمخيط، فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة. فجاء رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال: أخذت هذه لأخيط بها برذعة بعير لي دبر. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أما حقي منها فلك. فقال الرجل: أما إذ بلغ الأمر هذا فلا حاجة لي بها. فرمى بها.
وقال أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: أن عمر سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو بالجعرانة، فقال: إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما في المسجد الحرام. قال: اذهب فاعتكف. وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أعطاه جارية من الخمس. فلما أن أعتق رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبايا الناس، قال عمر: يا عبد الله، اذهب إلى تلك الجارية فخل سبيلها. أخرجه مسلم.
وقال ابن إسحاق: حدثني أبو وجزة السعدي: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطى من سبي هوازن علي بن أبي طالب جارية، وأعطى عثمان وعمر، فوهبها عمر لابنه.
قال ابن إسحاق: فحدثن نافع، عن ابن عمر، قال: بعثت بجاريتي إلى أخوالي من بني جمح ليصحلوا لي منها حتى أطوف بالبيت ثم آتيهم. فخرجت من المسجد فإذا الناس يشتدون، فقلت: ما شأنكم؟ فقالوا: رد علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نساءنا وأبناءنا. فقلت: دونكم صاحبتكم فهي في بني جمح فانطلقوا فأخذوها.