للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال شقيق البلخي: قيل لابن المبارك: إذا صليت معنا لم تقف، قال: أجلس مع الصحابة والتابعين، فما أصنع معكم، أنتم تغتابون الناس.

وعن ابن المبارك: ليكن الذي تعتمدون عليه الأثر، وخذوا من الرأي ما يفسر لكم الحديث، وكان قد تفقه بأبي حنيفة، وغيره.

وعنه، قال: حب الدنيا في القلب، والذنوب قد احتوشته، فمتى يصل إليه الخير؟.

وعنه قال: لو أن رجلا اتقى مائة شيء، ولم يتق شيئا واحدا، لم يك من المتقين، ولو تورع عن مائة شيء سوى شيء، لم يكن من الورعين، ومن كانت فيه خلة من الجهل، كان من الجاهلين، أما سمعت الله يقول لنوح في شأن ابنه: ﴿إني أعظك أن تكون من الجاهلين﴾ [هود] (١).

وسئل: من الناس؟ قال: العلماء! قيل: فمن الملوك؟ قال: الزهاد! قيل: فمن الغوغاء؟ قال: خزيمة وأصحابه! قيل: فمن السفهاء؟ قال: الذين يعيشون بدينهم (٢)!

وعنه قال: ليكن مجلسك مع المساكين، وإياك أن تجلس مع صاحب بدعة.

وعنه قال: إذا عرف الرجل قدر نفسه صار أذل من كلب.

قال أبو أمية الأسود: سمعت عبد الله يقول: أحب الصالحين ولست منهم، وأبغض الطالحين وأنا شر منهم، ثم أنشأ يقول:

الصمت أزين بالفتى … من منطق في غير حينه

والصدق أجمل بالفتى … في القول عندي من يمينه

وعلى الفتى بوقاره … سمة تلوح على جبينه

فمن الذي يخفى عليك … إذا نظرت إلى قرينه

رب امرئ متيقن … غلب الشقاء على يقينه


(١) قال المصنف في السير ٨/ ٣٩٩: "إسنادها لا يصح، وقد تقدم عن ابن المبارك خلاف هذا، وأن الاعتبار بالكثرة، ومراده بالخلة من الجهل الإصرار عليها".
(٢) وهذا قول في الغاية من الجودة، وقد جربنا في عصرنا كثيرًا من السفهاء الذين يأكلون بدينهم.