المنكر المنقطع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع، ولولا أن الحافظ ابن عساكر وغيره ساقوا القصة في تواريخهم لتركتها ولما ذكرتها، ولكن فيها عبرة.
قال الفسوي في تاريخه: وفي هذه السنة حدث وكيع بمكة عن إسماعيل عن البهي، وذكر الحديث. قال: فرفع إلى العثماني فحبسه، وعزم على قتله، ونصبت خشبة خارج الحرم، وبلغ وكيعا وهو محبوس، قال الحارث بن صديق: فدخلت عليه لما بلغني وقد سبق إليه الخبر. قال: وكان بينه وبين سفيان بن عيينة يومئذ متباعد، فقال: ما أرانا إلا قد اضطررنا إلى هذا الرجل واحتجنا إليه؛ يعني سفيان. فقلت: دع هذا عنك، فإن لم يدركك قتلت. فأرسل إليه وفزع إليه، فدخل سفيان على العثماني فكلمه فيه، والعثماني يأبى عليه، فقال له سفيان: إني لك ناصح، إن هذا رجل من أهل العلم، وله عشيرة، وولده بباب أمير المؤمنين، فتشخص لمناظرتهم. قال: فعمل فيه كلام سفيان، فأمر بإطلاقه. فرجعت إلى وكيع فأخبرته، وأخرج، فركب حمارا، وحملنا متاعه، وسافر، فدخلت على العثماني من الغد وقلت: الحمد لله الذي لم تبتل بهذا الرجل، وسلمك الله. قال: يا حارث، ما ندمت على شيء ندامتي على تخليته، خطر ببالي هذه الليلة حديث جابر بن عبد الله قال: حولت أبي والشهداء بعد أربعين سنة فوجدناهم رطابا يثبتون، لم يتغير منهم شيء.
قال الفسوي: فسمعت سعيد بن منصور يقول: كنا بالمدينة، فكتب أهل مكة إلى أهل المدينة بالذي كان من وكيع، وقالوا: إذا قدم عليكم فلا تتكلوا على الوالي، وارجموه حتى تقتلوه. قال: فعرضوا علي ذلك، وبلغنا الذي هم عليه، فبعثنا بريدا إلى وكيع أن لا يأتي المدينة، ويمضي من طريق الربذة. وكان قد جاوز مفرق الطريقين، فلما أتاه البريد رد، ومضى إلى الكوفة.