للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمر رسول الله سعد بن معاذ أن يبعث رهطا ليقتلوا كعبا، فبعث إليه سعد محمد بن مسلمة وأبا عبس، والحارث ابن أخي سعد بن معاذ في خمسة رهط أتوه عشية، وهو في مجلسهم بالعوالي. فلما رآهم كعب أنكرهم وكاد يذعر منهم، فقال لهم: ما جاء بكم؟ قالوا: جاءت بنا إليك حاجة. قال: فليدن إلي بعضكم فليحدثني بها. فدنا إليه بعضهم فقال: جئناك لنبيعك أدراعا لنا لنستنفق أثمانها.

فقال: والله لئن فعلتم ذلك لقد جهدتم، قد نزل بكم هذا الرجل. فواعدهم أن يأتوه عشاء حين يهدأ عنهم الناس. فجاؤوا فناداه رجل منهم، فقام ليخرج فقالت امرأته: ما طرقوك ساعتهم هذه لشيء تحب. فقال: بل إنهم قد حدثوني حديثهم. فاعتنقه أبو عبس، وضربه محمد بن مسلمة بالسيف، وطعنه بعضهم بالسيف في خاصرته. فلما قتلوه فزعت اليهود ومن كان معهم من المشركين. فغدوا على رسول الله حين أصبحوا فقالوا: إنه طرق صاحبنا الليلة وهو سيد من سادتنا فقتل، فذكر لهم رسول الله الذي كان يقول في أشعاره. ودعاهم رسول الله إلى أن يكتب بينه وبينهم كتابا، فكتب بينهم صحيفة، وكانت تلك الصحيفة بعده عند علي. أخرجه أبو داود (١).

وذكر موسى بن عقبة وغيره أن عباد بن بشر كان معهم، فأصيب في وجهه بالسيف أو رجله.

وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق (٢)، حدثني ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ومشى معهم رسول الله إلى بقيع الغرقد، ثم وجههم وقال: انطلقوا على اسم الله، اللهم أعنهم.

وذكر البكائي، عن ابن إسحاق (٣) هذه القصة بأطول مما هنا وأحسن عبارة، وفيه: فاجتمع في قتله محمد، وسلكان بن سلامة بن وقش؛ وهو


(١) أبو داود (٣٠٠٠)، ودلائل النبوة ٣/ ١٩٦ - ١٩٨. وانظر المسند الجامع حديث (١١٢٦٣).
(٢) دلائل النبوة ٣/ ٢٠٠.
(٣) ابن هشام ٢/ ٥٤ - ٥٨.