للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن لهيعة: حدثنا أبو الأسود، عن عروة قال: قدم رجل فاستخبره النبي عن أبي سفيان. فقال: نازلتهم فسمعتهم يتلاومون، يقول بعضهم لبعض: لم تصنعوا شيئا، أصبتم شوكة القوم وحدهم، ثم تركتموهم ولم تبيدوهم، وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم. فأمر رسول الله أصحابه - وبهم أشد القرح - بطلب العدو، ليسمعوا بذلك. وقال: لا ينطلقن معي إلا من شهد القتال. فقال عبد الله بن أبي: أركب معك؟ قال: لا. فاستجابوا لله والرسول على ما بهم من البلاء. فانطلقوا، فطلبهم النبي حتى بلغ حمراء الأسد (١).

وقال ابن إسحاق (٢): حدثني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان؛ أن رجلا من أصحاب رسول الله من بني عبد الأشهل قال: شهدت أحدا مع رسول الله أنا وأخ لي، فرجعنا جريحين، فلما أذن مؤذن رسول الله بالخروج في طلب العدو، قلت لأخي فقال لي: تفوتنا غزوة مع رسول الله ؟! ووالله ما لنا من دابة نركبها وما منا إلا جريح، فخرجنا مع رسول الله ، وكنت أيسر جراحة منه، فكان إذا غلب حملته عقبة (٣) ومشى عقبة، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون. فخرج رسول الله حتى انتهى إلى حمراء الأسد؛ وهي من المدينة على ثمانية أميال، فأقام بها ثلاثا ثم رجع.

وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: يا ابن أختي كان أبواك - تعني الزبير وأبا بكر - من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح. قال: لما انصرف المشركون من أحد وأصاب النبي وأصحابه ما أصابهم، خاف أن يرجعوا فقال: من ينتدب لهؤلاء في آثارهم حتى يعلموا أن بنا قوة، قال: فانتدب أبو بكر والزبير في سبعين خرجوا في آثار القوم، فسمعوا بهم. وانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء. قال: لم يلقوا عدوا. أخرجاه (٤).


(١) دلائل النبوة ٣/ ٣١٣ - ٣١٤.
(٢) ابن هشام ٢/ ١٠١، ودلائل النبوة ٣/ ٣١٤ - ٣١٥.
(٣) أي كانا يتناوبان على الدابة.
(٤) البخاري ٥/ ١٣٠، ومسلم ٧/ ١٢٩، ودلائل النبوة ٣/ ٣١٢ - ٣١٣. وانظر المسند =