يضعه أول من يدخل من هذا الباب، فكان أوّل من دخل النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: قد جاء الأمين.
مسلم الزّنجي، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه قال: جلس رجال من قريش فتذاكروا بنيان الكعبة فقالوا: كانت مبنية برضم يابس، وكان بابها بالأرض، ولم يكن لها سقف، وإنّما تدلّى الكسوة على الجدر، وتربط من أعلى الجدر من بطنها، وكان في بطن الكعبة عن يمين الداخل جبّ يكون فيه ما يهدى للكعبة منذ زمن جرهم، وذلك أنّه عدا على ذلك الجبّ قوم من جرهم فسرقوا ما به، فبعث الله تلك الحيّة فحرست الكعبة وما فيها خمسمائة سنة إلى أن بنتها قريش، وكان قرنا الكبش معلّقين في بطنها مع معاليق من حلية. إلى أن قال: حتى بلغوا الأساس الذي رفع عليه إبراهيم وإسماعيل القواعد، فرأوا حجارة كأنّها الإبل الخلف لا يطيق الحجر منها ثلاثون رجلا يحرّك الحجر منها، فترتجّ جوانبها، قد تشبّك بعضها ببعض، فأدخل الوليد بن المغيرة عتلةّ بين إصبعين حجرين فانفلقت منه فلقة، فأخذها رجل فنزّت من يده حتى عادت في مكانها، وطارت من تحتها برقة كادت أن تخطف أبصارهم، ورجفت مكة بأسرها، فأمسكوا إلى أن قال: وقلّت النّفقة عن عمارة البيت، فأجمعوا على أن يقصّروا عن القواعد ويحجّروا ما يقدرون ويتركوا بقيّته في الحجر، ففعلوا ذلك وتركوا ستّة أذرع وشبرا، ورفعوا بابها وكسوها بالحجارة حتى لا يدخلها السّيل ولا يدخلها إلاّ من أرادوا، وبنوها بساف من حجارة وساف من خشب، حتى انتهوا إلى موضع الركن فتنافسوا في وضعه.
إلى أن قال: فرفعوها بمدماك حجارة ومدماك خشب، حتى بلغوا السقف، فقال لهم باقوم النّجار الروميّ: أتحبّون أن تجعلوا سقفها مكنسا أو مسطّحا؟ قالوا: بل مسطّحا، وجعلوا فيه ستّ دعائم في صفّين، وجعلوا ارتفاعها من ظاهرها ثمانية عشر ذراعا وقد كانت قبل تسعة أذرع، وجعلوا درجة من خشب في بطنها يصعد منها إلى ظهرها، وزوّقوا سقفها وحيطانها من بطنها ودعائمها، وصوّروا فيها الأنبياء