عليه أقبله وأبكي، فقال: تحول يا سلمان هكذا، فتحولت، فجلست بين يديه، وأحب أن يسمع أصحابه حديثي عنه، فحدثته يا ابن عباس كما حدثتك. فلما فرغت قال: كاتب يا سلمان، فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له وأربعين أوقية، فأعانني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنخل ثلاثين ودية وعشرين ودية وعشرا، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقر لها، فإذا فرغت فآذني حتى أكون أنا الذي أضعها بيدي. ففقرتها وأعانني أصحابي، يقول: حفرت لها حيث توضع حتى فرغنا منها، وخرج معي، فكنا نحمل إليه الودي فيضعه بيده ويسوي عليها، فوالذي بعثه ما مات منها ودية واحدة.
وبقيت علي الدراهم، فأتاه رجل من بعض المعادن بمثل البيضة من الذهب فقال: أين الفارسي؟ فدعيت له، فقال: خذ هذه فأد بها ما عليك. قلت: يا رسول الله، وأين تقع هذه مما علي؟ قال: فإن الله سيؤدي بها عنك، فوالذي نفس سلمان بيده، لوزنت لهم منها أربعين أوقية فأديتها إليهم وعتق سلمان، وحبسني الرق حتى فاتتني بدر وأحد، ثم شهدت الخندق، ثم لم يفتني معه مشهد.
قوله: قطن النار جمع قاطن، أي مقيم عندها، أو هو مصدر، كرجل صوم وعدل.
وقال يونس بن بكير وغيره عن ابن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة، قال: حدثني من سمع عمر بن عبد العزيز قال: وجدت هذا من حديث سلمان قال: حدثت عن سلمان أن صاحب عمورية قال له لما احتضر: ائت غيضتين من أرض الشام، فإن رجلا يخرج من إحداهما إلى الأخرى، في كل سنة ليلة، يعترضه ذوو الأسقام، فلا يدعو لأحد به مرض إلا شفي، فسله عن هذا الدين دين إبراهيم، فخرجت حتى أقمت بها سنة، حتى خرج تلك الليلة وإنما كان يخرج مستجيزا، فخرج وغلبني عليه