للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصان رزان ما تزن بريبة … وتصبح غرثى من لحوم الغوافل

قالت: لست كذاك. قلت: تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله ﷿ والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم، قالت: وأي عذاب أشد من العمى؟ وقالت: كان يرد عن النبي . متفق عليه (١).

وقال يونس، عن ابن إسحاق (٢): حدثني محمد بن إبراهيم التيمي قال: وكان صفوان بن المعطل قد كثر عليه حسان في شأن عائشة، وقال يعرض به:

أمسى الجلابيب قد عزوا وقد كثروا … وابن الفريعة أمس بيضة البلد

فاعترضه صفوان ليلة وهو آت من عند أخواله بني ساعدة، فضربه بالسيف على رأسه، فيعدو عليه ثابت بن قيس فجمع يديه إلى عنقه بحبل أسود وقاده إلى دار بني حارثة، فلقيه عبد الله بن رواحة فقال: ما هذا؟ فقال: ما أعجبك! عدا على حسان بالسيف، فوالله ما أراه إلا قد قتله. فقال: هل علم رسول الله بما صنعت به؟ فقال: لا. فقال: والله لقد اجترأت، خل سبيله. فسنغدوا على رسول الله فنعلمه أمره فخلِّ سبيله. فلما أصبحوا غدوا على النبي فذكروا له ذلك فقال: أين ابن المعطل؟ فقام إليه، فقال: ها أنذا يا رسول الله، فقال: ما دعاك إلى ما صنعت؟ قال: آذاني وكثر علي ولم يرض حتى عرض بي في الهجاء، فاحتملني الغضب، وها أنذا، فما كان علي من حق فخذني به. فقال رسول الله : ادعوا لي حسان، فأتي به؛ فقال: يا حسان: أتشوهت (٣) على قومي أن هداهم الله للإسلام، يقول: تنفست عليهم يا حسان، أحسن فيما أصابك. فقال: هي لك يا رسول الله. فأعطاه رسول الله سيرين القبطية. فولدت له عبد الرحمن، وأعطاه أرضا كانت لأبي طلحة (٤) تصدق بها على رسول الله .


(١) البخاري ٥/ ١٥٥، ومسلم ٧/ ١٦٣ و ١٦٤، ودلائل النبوة ٤/ ٧٣ - ٧٤.
(٢) ابن هشام ٢/ ٣٠٤، ودلائل النبوة ٤/ ٧٤ - ٧٥.
(٣) أي: استكبرت أو استعظمت.
(٤) كتب على هامش نسخة البشتكِي بخطه - فكأنه نقلها عن المؤلف -: "أبو طلحة جعل أرضه على مصالح المسلمين وفوَّض أمرها إلى رسول الله، وإلا فالصدقة محرمة عليه".