الكندي، عن سلمان قال: كان أبي من الأساورة فأسلمني الكتاب، فكنت أختلف ومعي غلامان، فإذا رجعا دخلا على راهب أو قس، فدخلت معهما، فقال لهما: ألم أنهكما أن تدخلا علي أحدا؟ فكنت أختلف حتى كنت أحب إليه منهما، فقال لي: يا سلمان، إني أحب أن أخرج من هذه الأرض. قلت: وأنا معك. فأتى قرية فنزلها، وكانت امرأة تختلف إليه، فلما حضر قال: احفر عند رأسي، فحفرت فاستخرجت جرة من دراهم، فقال: ضعها على صدري، فجعل يضرب بيده على صدره ويقول: ويل للقنائين! قال: ومات فاجتمع القسيسون والرهبان، وهممت أن أحتمل المال، ثم إن الله عصمني، فقلت للرهبان، فوثب شباب من أهل القرية، فقالوا: هذا مال أبينا كانت سريته تختلف إليه، فقلت لأولئك: دلوني على عالم أكون معه. قالوا: ما نعلم أحدا أعلم من راهب بحمص. فأتيته فقال: ما جاء بك إلا طلب العلم؟ قلت: نعم. قال: فإني لا أعلم أحدا أعلم من رجل يأتي بيت المقدس كل سنة في هذا الشهر. فانطلقت فوجدت حماره واقفا، فخرج فقصصت عليه، فقال: اجلس هاهنا حتى أرجع إليك. فذهب فلم يرجع إلى العام المقبل، فقال: وإنك لهاهنا بعد؟ قلت: نعم. قال: فإني لا أعلم أحدا في الأرض أعلم من رجل يخرج بأرض تيماء وهو نبي وهذا زمانه، وإن انطلقت الآن وافقته، وفيه ثلاث: خاتم النبوة، ولا يأكل الصدقة، ويأكل الهدية. وذكر الحديث.
وقال ابن لهيعة: حدثنا يزيد بن أبي حبيب، قال: حدثني السلم بن الصلت، عن أبي الطفيل، عن سلمان قال: كنت رجلا من أهل جي، مدينة أصبهان، فأتيت رجلا يتحرج من كلام الناس، فسألته: أي الدين أفضل؟ قال: ما أعلم أحدا غير راهب بالموصل، فذهبت إليه. وذكر الحديث. وفيه: فأتيت حجازيا فقلت: تحملني إلى المدينة؟ قال: ما تعطيني؟ قلت: أنا لك عبد. فلما قدمت جعلني في نخله، فكنت أستقي كما يستقي البعير حتى دبر ظهري وصدري من ذلك، ولا أجد أحدا يفقه كلامي، حتى جاءت عجوز فارسية تستقي، فقلت لها: أين هذا الرجل الذي خرج؟