(اقرأ باسم ربك) إلى قوله: (ما لم يعلم)، فقرأتها ثم انتهى عني، وهببت من نومي، فكأنما كتبت في قلبي كتابا. في هذا المكان زيادة، زادها يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، وهي: ولم يكن في خلق الله أحد أبغض إلي من شاعر أو مجنون فكنت لا أطيق أنظر إليهما، فقلت: إن الأبعد، يعني نفسه، لشاعر أو مجنون، ثم قلت: لا تحدث عني قريش بهذا أبدا، لأعمدن إلى حالق من الجبل، فلأطرحن نفسي فلأستريحن، فخرجت حتى إذا كنت في وسط من الجبل، سمعت صوتا من السماء يقول: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل، فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء فقال: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل، فوقفت أنظر إليه، فما أتقدم ولا أتأخر، وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء، فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك، فما زلت واقفا حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي، فبلغوا أعلى مكة ورجعوا إليها، وأنا واقف في مكاني ذلك، ثم انصرف عني، فانصرفت إلى أهلي، حتى أتيت خديجة، فجلست إلى فخذها مضيفا إليها فقالت: يا أبا القاسم أين كنت؟ فوالله لقد بعثت رسلي في طلبك حتى بلغوا أعلى مكة ورجعوا، ثم حدثتها بالذي رأيت، فقالت: أبشر يا ابن عمي واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة.
ثم قامت فجمعت عليها ثيابها، ثم انطلقت إلى ورقة بن نوفل، وهو ابن عمها، وكان قد تنصر وقرأ الكتب، فأخبرته بما رأى وسمع، فقال ورقة: قدوس قدوس، والذي نفسي بيده لئن كنت صدقت يا خديجة، لقد جاءه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، وإنه لنبي هذه الأمة، فقولي له فليثبت، فرجعت خديجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقول ورقة، فلما قضى جواره طاف بالكعبة، فلقيه ورقة وهو يطوف فقال: أخبرني بما رأيت وسمعت، فأخبره، فقال: والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة، ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى ولتكذبنه ولتؤذنه ولتخرجنه