للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثله. ثم قال: يا حذيفة قم فائتنا بخبر القوم. فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم. فقال ائتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي. قال: فمضيت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم، فإذا أبو سفيان يصلي ظهره بالنار. فوضعت سهمي في كبد قوسي وأردت أن أرميه، ثم ذكرت قول رسول الله : لا تذعرهم علي، ولو رميته لأصبته. قال: فرجعت كأنما أمشي في حمام، فأتيت رسول الله ، ثم أصابني البرد حين فرغت وقررت، فأخبرت رسول الله فألبسني من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها، فلم أزل نائما حتى الصبح، فلما أن أصبحت قال رسول الله : قم يا نومان. أخرجه مسلم (١).

وقال أبو نعيم: حدثنا يوسف بن عبد الله بن أبي بردة، عن موسى بن أبي المختار، عن بلال العبسي، عن حذيفة: أن الناس تفرقوا عن رسول الله ليلة الأحزاب، فلم يبق معه إلا اثنا عشر رجلا، فأتاني رسول الله وأنا جاث من البرد فقال: انطلق إلى عسكر الأحزاب. فقلت: والذي بعثك بالحق ما قمت إليك من البرد إلا حياء منك. قال: فانطلق يا ابن اليمان فلا بأس عليك من حر ولا برد حتى ترجع إلي. فانطلقت إلى عسكرهم، فوجدت أبا سفيان يوقد النار في عصبة حوله، قد تفرق الأحزاب عنه، حتى إذا جلست فيهم، حس أبو سفيان أنه دخل فيهم من غيرهم، فقال: يأخذ كل رجل منكم بيد جليسه. قال: فضربت بيدي على الذي عن يميني فأخذت بيده، ثم ضربت بيدي إلى الذي عن يساري فأخذت بيده. فكنت فيهم هنية. ثم قمت فأتيت رسول الله وهو قائم يصلي، فأومأ إلي بيده أن: ادن، فدنوت. ثم أومأ إلي فدنوت. حتى أسبل علي من الثوب الذي عليه وهو يصلي. فلما فرغ قال: ما الخبر؟ قلت: تفرق الناس عن أبي سفيان، فلم يبق إلا في عصبة يوقد النار، قد صب الله عليه من البرد مثل الذي صب علينا، ولكنا نرجو من الله ما لا يرجو (٢).


(١) مسلم ٣/ ١٧٧، ودلائل النبوة ٣/ ٤٤٩ - ٤٥٠.
(٢) دلائل النبوة ٣/ ٤٥٠ - ٤٥١.