أبو بكر: ائذن لي يا رسول الله في طعامه الليلة. ففعل، فانطلقا، وانطلقت معهما، حتى فتح أبو بكر بابا، فجعل يقبض لنا من زبيب الطائف، فكان ذلك أول طعام أكلته بها. قال: فغبرت ما غبرت ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني قد وجهت إلى أرض ذات نخل لا أحسبها إلا يثرب، فهل أنت مبلغ عني قومك لعل الله أن ينفعهم بك ويأجرك فيهم؟ فانطلقت حتى أتيت أخي أنيسا، فقال لي: ما صنعت؟ قلت: صنعت أني أسلمت وصدقت. ثم أتينا أمنا، فقالت: ما بي رغبة عن دينكما. فأسلمت، ثم احتملنا حتى أتينا قومنا غفار، فأسلم نصفهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان يؤمهم خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري، وكان سيدهم يومئذ، وقال بقيتهم: إذا قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمنا، فقدم المدينة فأسلم بقيتهم. وجاءت أسلم، فقالوا: يا رسول الله إخواننا، نسلم على الذي أسلموا عليه، فأسلموا، فقال: غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله. أخرجه مسلم عن هدبة عن سليمان.
وفي الصحيحين من حديث مثنى بن سعيد، عن أبي جمرة الضبعي أن ابن عباس حدثهم بإسلام أبي ذر، قال: أرسلت أخي فرجع وقال: رأيت رجلا يأمر بالخير. فلم يشفني، فأتيت مكة، فجعلت لا أعرفه، وأشرب من زمزم، فمر بي علي فقال: كأنك غريب. قلت: نعم. قال: انطلق إلى المنزل. فانطلقت معه، فلم أسأله، فلما أصبحنا جئت المسجد، ثم مر بي علي فقال: أما آن لك أن تعود؟ قلت: لا. قال: ما أمرك؟ قلت: إن كتمت علي أخبرتك، ثم قلت: بلغنا أنه خرج نبي. قال: قد رشدت فاتبعني. فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: اعرض علي الإسلام. فعرضه علي فأسلمت، فقال: اكتم إسلامك وارجع إلى قومك. قلت: والله لأصرخن بها بين أظهرهم، فجاء في المسجد فقال: يا معاشر قريش، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. فقالوا: قوموا إلى هذا الصابئ، فقاموا، فضربت لأموت، فأدركني العباس فأكب علي وقال: تقتلون