صلى الله عليه وسلم بمنى أوّل اللّيل مع قومنا، فلمّا استثقل النّاس من النّوم تسلّلنا من فرشنا تسلّل القطا، حتى اجتمعنا بالعقبة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمّه العباس، ليس معه غيره، أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، فكان أول متكلّم، فقال: يا معشر الخزرج إنّ محمدا منّا حيث قد علمتم، وهو في منعة من قومه وبلاده، قد منعناه ممّن هو على مثل رأينا منه، وقد أبى إلاّ الانقطاع إليكم، وإلى ما دعوتموه إليه، فإن كنتم ترون أنّكم وافون له بما وعدتموه، فأنتم وما تحمّلتم، وإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانا فاتركوه في قومه، فإنّه في منعة من عشيرته وقومه، فقلنا: قد سمعنا ما قلت، تكلّم يا رسول الله، فتكلّم ودعا إلى الله، وتلا القرآن ورغب في الإسلام، فأجبناه بالإيمان والتصديق له، وقلنا له: خذ لربّك ولنفسك، فقال: إنّي أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءكم، فأجابه البراء بن معرور فقال: نعم والذي بعثك بالحقّ ما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلقة، ورثناها كابرا عن كابر، فعرض في الحديث أبو الهيثم بن التّيهان فقال: يا رسول الله إنّ بيننا وبين أقوام حبالا، وإنّا قاطعوها، فهل عسيت إن الله أظهرك أن ترجع إلى قومك وتدعنا؟ فقال: بل الدّم الدّم والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم منّي، أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم، فقال له البراء بن معرور: ابسط يدك يا رسول الله نبايعك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيبا، فأخرجوهم له، فكان نقيب بني النّجّار: أسعد بن زرارة، ونقيب بني سلمة: البراء بن معرور، وعبد الله بن عمرو بن حرام، ونقيب بني ساعدة: سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، ونقيب بني زريق: رافع بن مالك، ونقيب بني الحارث بن الخزرج: عبد الله بن رواحة، وسعد بن الربيع، ونقيب بني عوف بن الخزرج: عبادة بن الصّامت وبعضهم جعل بدل عبادة بن الصّامت خارجة بن زيد، ونقيب بني عمرو بن عوف: سعد بن خيثمة، ونقيب بني عبد الأشهل وهم من الأوس أسيد بن حضير، وأبو