على أن نبكر إلى ابن جوصا، فإذا الخاني يعدو ويقول: أين أبو علي الحافظ؟ فقلت: هاهنا، قال: قد حضره الشيخ زائراً، فإذا بابن جوصا على بغلةٍ، فنزل عنها، ثم صعد إلى غرفتنا، وسلم على أبي علي ورحب به، وأخذ في المذاكرة معه إلى قرب العتمة، ثم قال: يا أبا علي، جمعت حديث عبد الله بن دينار، قال: نعم، قال: أخرجه إلي، فأخرجه، فأخذه في كمه وقام، فلما أصبحنا جاءنا رسوله وحملنا إلى منزله، فذاكره أبو علي، وانتخب عليه إلى المساء، ثم انصرفنا إلى رحلنا، وجماعة من الرحالة ينتظرون أبا علي، فسلموا عليه، ثم ذكروا شأن ابن جوصا، وما نقموا عليه من الأحاديث التي أنكروها، وأبو علي يسكتهم ويقول: لا تفعلوا، هذا إمام من أئمة المسلمين، وقد جاز القنطرة.
وقال حمزة الكناني: عندي عن ابن جوصا مائتي جزء، وليتها كانت بياضاً، وترك حمزة الرواية عنه أصلاً.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سألت الدارقطني عن ابن جوصا، فقال: تفرد بأحاديث، ولم يكن بالقوي.
قلت: توفي في جمادى الأولى، وهو ثقة، له غرائب كغيره من بنادرة الحديث، فما للضعف عليه مدخل، وقد روى عنه جماعة، قال: حدثنا أبو التقي قال: حدثنا بقية، قال: حدثنا ورقاء وابن ثوبان، عن عمرو بن دينار، عن عطاء، عن أبي هريرة رفعه: إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة، فأنكر على ابن جوصا ذكر ابن ثوبان فيه، والخطب يسير، فلو كان وهماً لما ضر، ولعله حفظه.
قال الطبراني: تفرد به ابن جوصا، وكان من ثقات المسلمين.
قال ابن المقرئ: حدثنا الحسين بن تقي بن أبي التقي هشام بن عبد الملك، عن جده، فذكر الحديث كما قال ابن جوصا، ورواه ثقتان عن أحمد بن محمد بن عنبسة الحمصي، قال: حدثنا أبو التقي، فذكره كذلك.