للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عجب من شيء حدثناه رسول الله آنفا، من مقالة قائل أخبره الله عنه بكذا وكذا، فقال رجل ممن كان في رحل عمارة، ولم يحضر رسول الله زيد، والله، قال هذه المقالة قبل أن تأتي. فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه، ويقول: أي عباد الله، إن في رحلي لداهية وما أشعر. اخرج أي عدو الله من رحلي. فزعم بعضهم أن زيدا تاب بعد ذلك.

قال ابن إسحاق (١): وقد كان رهط، منهم وديعة بن ثابت، ومخشن (٢) بن حمير؛ يشيرون إلى رسول الله ، وهو منطلق إلى تبوك، فقال بعضهم لبعض: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا؟ والله لكأنا بكم غدا مقرنين في الحبال؛ إرجافا وترهيبا للمؤمنين. فقال مخشن بن حمير: والله لوددت أني أقاضي على أن يضرب كل منا مائة جلدة، وأنا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه.

وقال رسول الله ، فيما بلغني، لعمار بن ياسر: أدرك القوم، فإنهم قد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قلتم كذا وكذا. فانطلق إليهم عمار، فقال ذلك لهم. فأتوا رسول الله يعتذرون. فقال وديعة بن ثابت: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب. فنزلت: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ﴾ فقال مخشن بن حمير: يا رسول الله، قعد بي اسمي واسم أبي. فكان الذي عفي عنه في هذه الآية مخشن؛ يعني ﴿إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ﴾ فتسمى عبد الرحمن، فسأل الله أن يقتله


(١) ابن هشام ٢/ ٥٢٤.
(٢) جاء في هامش نسخة البشتكي تعليق بخطه نصه: "قال ابن ماكولا بعدما ذكر مخش بتشديد الشين من غير ياء: فهو حريث بن مُخَشِّي يروي عن علي، وعنه سليمان التيمي، وعمارة بن مُخَشِّي بن خويلد ذكر سيف أنه كان على كردوس ميمنةِ خالد يوم اليرموك، وأما مَخْشِي بسكون الخاء وكسر الشين المخففة وبعدها ياء فهو مخشي بن حُمَيِّر الأشجعي حليف بني سلمة كان من المنافقين، وسار مع النبي إلى تبوك وأرجفَ به، ثم تاب، وقيل: فيه نزلت ﴿إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ … ﴾ والمصنف كتبه مخشن كما تراه". قال بشار: إنما تابع الذهبي رواية ابن إسحاق، وقد تعقبه ابن هشام فقال: ويقال مَخْشِي.