والزبير، وعبد الرحمن، وسعد - يستأذنون؟ قال: نعم، فدخلوا وسلموا وجلسوا. ثم لبث يرفأ قليلا، ثم قال لعمر: هل لك في علي والعباس؟ قال: نعم. فلما دخلا سلما فجلسا، فقال عباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا الظالم الفاجر الغادر الخائن! فاستبا.
فقال عثمان وغيره: يا أمير المؤمنين، اقض بينهما وأرح أحدهما من الآخر! فقال: أنشدكما بالله هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث، ما تركنا صدقة؟ قالا: قد قال ذلك؟ قال: فإني أحدثكم عن هذا الأمر: إن الله كان قد خص رسوله في هذا الفيء بشيء لم يعطه غيره، فقال تعالى:{وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ}
فكانت هذه خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم، لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يجعل ما بقي مجعل مال الله.
أنشدكم بالله، هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم. ثم توفى الله نبيه، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضها وعمل فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وأنتما تزعمان أن أبا بكر فيها كاذب فاجر غادر، والله يعلم أنه فيها لصادق بار راشد.
ثم توفاه الله، فقلت: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر، فقبضتها سنتين من إمارتي، أعمل فيها بعمله، وأنتم حينئذ. وأقبل علي علي وعباس يزعمون أني فيها كاذب فاجر غادر، والله يعلم أني فيها لصادق بار راشد تابع للحق.
ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما جميع، فجئتني تسألني عن نصيبك من ابن أخيك، وجاءني هذا يسألني عن نصيب امرأته من أبيها - فقلت لكما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورث، ما تركنا صدقة.
فلما بدا لي أن أدفعها إليكما قلت: إن شئتما دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما عمل فيها أبو بكر، وإلا فلا تكلماني! فقلتما: ادفعها إلينا بذلك! فدفعتها إليكما.
أنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ قال الرهط: نعم. فأقبل على علي وعباس فقال: أنشدكما بالله، هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم. قال: أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك! فوالذي بإذنه تقوم