للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض الأحيان.

وفي جميع الكتاب لم يوازن الذهبيُّ، ولو بشكلٍ بسيط، بين المعلومات المذكورة في كتابه لا من حيث الكمية ولا من حيث النوعية على عكس طريقته في الموازنة بين عدد التراجم في القسم الخاص بها، كما سنوضحه بعد قليل، ولذلك وجدنا السنين الأربعين الأولى تحتل قرابة ٤٠% من جميع حوادث الكتاب مع أنها لا تكوِّن من نطاق الكتاب الزماني إلا أقل من ٦٠% فقط، ووجدناه في الوقت نفسه يقصر في حوادث بعض السنوات بحيث لا تتعدى الأسطُرَ المحدودةَ، ويطوِّل في أخرى بحيث تبلِغ أوراقًا عديدة. والسببُ في ذلك فيما نعتقد، مُتَأَتٍّ من تقييمِه للحوادثِ وفهْمِه لها، كما سيظهر لنا فيما بعد عند كلامنا على الأسس التي اتبعها في انتقاء الحوادث.

ولما كان الذهبيُّ ملتزمًا في ذكر الحوادث بالتنظيم على السنين فإنه كان يقطعُ الخبرَ ليكمله في سنةٍ أخرى، وهي العادةُ التي اتبعها معظم مؤلفي الكتب التاريخية المرتبة على السنين، فإذا ما أراد القارئ أنْ يطلع على حادثةٍ معينة استمرت لعددٍ من السنين فإنَّ عليه أنْ يقرأ جميعَ حوادث هذه السنين، ويمر بأخبار وحوادث لا علاقة لها البتة بموضوعه، فضلًا عما تسببه هذه الطريقةُ من إرباكٍ في تتبع الخبرِ التاريخي. ومع ذلك فهو مثل غيره من كُتَّاب الحوليات، كان يتجاوزُ مثل هذه الحالة في أحيان قليلة، فكان يذكر بعض الأحداث المهمة متسلسلة لأكثر من سنة مثل خروج المغول وحروبهم مع علاء الدين خوارزمٍ شاه (١)، علمًا أنه اعتبر مثل هذا التسلسل خروجًا عن نطاق السنة واستطرادًا نحو قوله في حوادث سنة ٣٧٦ هـ: "وإنما جرى ذلك في سنة تسع وسبعين ولكن سقناه استطرادًا" (٢).

وإذا آمنا بأنَّ القسمَ الأخيرَ من كتابه يمثل طريقته الخاصة في تناول الحوادث، فإن ذلك لا يعفيه من عدم تنظيمها في الأقسام الأخرى من كتابه على النسق الذي نظم فيه القسم الأخير منه.


(١) انظر الورقة ٢٣٩ - ٢٤٧ (أيا صوفيا ٣٠١١).
(٢) ٨/ ٣٥٠ (من طبعتنا).

<<  <  ج: ص:  >  >>