للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن بابي في كتاب الخريدة والفريدة: كان أبو حيان كذابًا، قليل الدين والورع عن القذف والمجاهرة بالبهتان، تعرض لأمور جسام من القدح في الشريعة والقول بالتعطيل، ولقد وقف سيدنا الصاحب كافي الكفاة على بعض ما كان يدغله ويخفيه من سوء الاعتقاد، فطلبه ليقتله، فهرب والتجأ إلى أعدائه، ونفق عليهم بزخرفه وإفكه، ثم عثروا منه على قبيح دخلته وسوء عقيدته وما يبطنه من الإلحاد ويرومه في الإسلام من الفساد، وما يلصقه بأعلام الصحابة من القبائح، ويضيفه إلى السلف الصالح من الفضائح، فطلبه الوزير المهلبي فاستتر منه، ومات في الاستتار، وأراح الله منه، ولم تؤثر عنه إلا مثلبة أو مخزية.

وقال أبو الفرج ابن الجوزي في تاريخه (١): زنادقة الإسلام ثلاثة: ابن الراوندي، وأبو حيان التوحيدي، وأبو العلاء المعري، وأشدهم على الإسلام أبو حيان؛ لأنهما صرحا، وهو مجمج ولم يصرح.

قلت: وكان من تلامذة علي بن عيسى الرماني، وقد بالغ في الثناء على الرماني في كتابه الذي ألفه في تقريظ الجاحظ، فانظر إلى الحامد والمحمود، وأجود الثلاثة الرماني مع اعتزاله وتشيعه.

وأبو حيان هو الذي نسب نفسه إلى التوحيد، كما سمى ابن تومرت أتباعه فقال: الموحدين، وكما سمى صوفية الفلاسفة نفوسهم بأهل الوحدة وأهل الاتحاد.

أخبرني أحمد بن سلامة كتابة، عن الطرسوسي، عن ابن طاهر الحافظ قال: سمعت أبا الفتح عبد الوهاب الشيرازي بالري يقول: سمعت أبا حيان التوحيدي يقول: أناس مضوا تحت التوهم وظنوا أن الحق معهم، وكان الحق وراءهم.

قلت: مثلك يا معثر، بل أنت حامل لوائهم.

وقيل: إن أبا حيان معدود في كبار الشافعية. ذكره لي القاضي عز الدين الكناني.


(١) ذكر ابن الجوزي نحوًا من هذا في ترجمة أبي العلاء المعري من المنتظم ٨/ ١٨٥، ولم يترجم لأبي حيان.