وفيها حلف الملك للخليفة يمينا حضرها المرتضى وقاضي القضاة، وركب الوزير أبو القاسم ابن المسلمة من الغد، فحضر عند الخليفة هو والمرتضى والقاضي، فحلف للملك وهي:
أقسم عبد الله أبو جعفر القائم بأمر الله بالله الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب المدرك المهلك، عالم السر والعلانية، وحق رسول الله صلى الله عليه سلم، وحق القرآن العظيم - لأقيمن لركن الدين جلال الدولة أبي طاهر ابن بهاء الدولة أبي نصر على إخلاص النية والصفاء بما يصلح حاله، ويحفظ عليه مكانه. ولأكونن له على أفضل ما يؤثر من حراسته، ولوزير الوزراء أبي القاسم وسائر حاشيته، وإقراره على رتبته. له بذلك عليّ عهد الله وميثاقه، وما أخذ على ملائكته المقربين، وأنبيائه المرسلين، والله يشهد عليّ، وهذه اليمين مني والنية فيها بنية جلال الدولة.
وفي جمادى الأولى عند تصويب الشمس للغروب انقض كوكب كبير كثير الضوء.
وزاد شر العيارين حتى ولي ابن النسوي فردعهم وانكفوا.
وهاجت ريح عظيمة ثلاثة أيام احتجبت منها السماء والشمس، ورمت ترابا أحمر ورملا.
وغلت الأسعار، وتلفت غلات الموصل، ولم ترد البذار، وكذلك الأهواز وواسط.
ووصلت الأخبار عن الإحساء وتلك النواحي بأن الأقوات عدمت، واضطرت الأعراب إلى أكل مواشيهم ثم أولادهم، حتى كان الواحد يعاوض بولده ولد غيره لئلا تدركه رقة إذا ذبحه.
وفي شوال انقض ليلة الاثنين كوكب أضاءت منه الأرض، وارتاع له العالم، وكان في شكل الترس، ولم يزل يقل حتى اضمحل.
وفي شوال سكر جلال الدولة ونزل من داره في سميرية متنكرا إلى دار الخلافة، ومعه ثلاثة، وصعد إلى بستان، ورمى بعض مغنياته القصب، ودخل منه، وجلس تحت شجرة، واستدعى نبيذا يشربه، وزمر الزامر.
فعرف الخليفة ذلك، فشق عليه وأزعجه. ثم خرج إليه القاضي ابن أبي موسى، والحاجب أبو