فيعودون إليه كهيئته حين تركوه فيحفرونه، فيخرجون على الناس، ويتحصن الناس منهم في حصونهم، فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع فيها كهيئة الدماء، فيقولون: قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء، فيبعث الله نغفا فيقتلهم بها.
ذكر ابن جرير في تاريخه من حديث عمرو بن معدي كرب، عن مطر بن بلج التميمي قال: دخلت على عبد الرحمن بن ربيعة بالباب وشهريران عنده، فأقبل رجل عليه شحوبة حتى دخل على عبد الرحمن فجلس إلى شهريران، وكان على مطر قباء برد يمني أرضه حمراء ووشيه أسود. فتساءلا، ثم إن شهريران قال: أيها الأمير أتدري من أين جاء هذا الرجل؟ هذا رجل بعثته نحو السد منذ سنتين ينظر ما حاله ومن دونه، وزودته مالا عظيما، وكتبت له إلى من يليني وأهديت له، وسألته أن يكتب له إلى من وراءه، وزودته لكل ملك هدية، ففعل ذلك بكل ملك بينه وبينه، حتى انتهى إلى ذلك السد في ظهره، فكتب له إلى عامله على ذلك البلد فأتاه، فبعث معه بازياره ومعه عقابه وأعطاه حريرة، فلما انتهينا إذا جبلان، بينهما سد مسدود حتى ارتفع على الجبلين، وإن دون السد خندقا أشد سوادا من الليل لبعده، فنظرت إلى ذلك كله وتفرست فيه، ثم ذهبت لأنصرف، فقال لي البازيار: على رسلك أكافئك لأنه لا يلي ملك بعد ملك إلا تقرب إلى الله بأفضل ما عنده من الدنيا فيرمي به هذا اللهب، قال: فشرح بضعة لحم معه وألقاها في ذلك الهواء، وانقضت عليها العقاب، وقال: إن أدركتها قبل أن تقع فلا شيء، فخرج عليه العقاب باللحم في مخاليبه، فإذا قد لصق فيه ياقوتة فأعطانيها وها هي ذه، فتناولها شهريران