للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرآها حمراء، فتناولها عبد الرحمن ثم ردها، فقال شهريران: إن هذه لخير من هذا - يعني الباب - وايم الله لأنتم أحب إلي ملكة من آل كسرى، ولو كنت في سلطانهم ثم بلغهم خبرها لانتزعوها مني، وأيم الله لا يقوم لكم شيء ما وفيتم أو وفى ملككم الأكبر. فأقبل عبد الرحمن على الرسول، وقال: ما حال السد وما شبهه؟ فقال: مثل هذا الثوب الذي على مطر، فقال مطر: صدق والله الرجل لقد بعد ورأى ووصف صفة الحديد والصفر. فقال عبد الرحمن لشهريران: كم كانت قيمة هاتيك؟ قال: مائة ألف في بلادي هذه، وثلاثة آلاف ألف في تلك البلدان.

وحدث سلام الترجمان، قال: لما رأى الواثق بالله كأن السد الذي بناه ذو القرنين قد فتح وجهني، وقال لي: عاينه وجئني بخبره، وضم إلي خمسين رجلا، وزودنا، وأعطانا مائتي بغل تحمل الزاد، فشخصنا من سامراء بكتابه إلى إسحاق وهو بتفليس، فكتب لنا إسحاق إلى صاحب السرير، وكتب لنا صاحب السرير إلى ملك اللان، وكتب لنا ملك اللان إلى فيلانشاه، وكتب لنا إلى ملك الخزر، فوجه معنا خمسة أدلاء، فسرنا من عنده ستة وعشرين يوما، ثم صرنا إلى أرض سوداء منتنة، فكنا نشتم الخل، فسرنا فيها عشرة أيام، ثم صرنا إلى مدائن خراب ليس فيها أحد، فسرنا فيها سبعة وعشرين يوما، فسألنا الأدلاء عن تلك المدن، فقالوا: هي التي كان يأجوج ومأجوج يطرقونها فأخربوها. ثم صرنا إلى حصون عند السد بها قوم يتكلمون بالعربية والفارسية، مسلمون يقرؤون القرآن، لهم مساجد وكتاتيب، فسألونا، فقلنا: نحن رسل أمير المؤمنين، فأقبلوا يتعجبون ويقولون: أمير المؤمنين! فنقول: نعم، فقالوا: أشيخ هو أم شاب؟ قلنا: شاب، فقالوا: أين يكون؟ فقلنا: بالعراق بمدينة يقال لها: سر من رأى، فقالوا: ما سمعنا بهذا قط.

ثم صرنا إلى جبل أملس ليس عليه خضراء، وإذا جبل مقطوع بواد عرضه مائة ذراع، فرأينا عضادتين مبنيتين مما يلي الجبل من جنبتي الوادي عرض كل عضادة خمسة وعشرون ذراعا، الظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب، وكله بناء بلبن من حديد مغيب في نحاس في سمك خمسين

<<  <  ج: ص:  >  >>