للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا بالأمر الميسور، فهو يحتاج إلى معرفةٍ تامةٍ بالتراجم وصلات بعضهم ببعض وقوة ملاحظة وحفظ. وقد حاول الذهبيُّ جاهدًا ألا يقع في مثل هذا الغلط فاتبع طريقة التنبيه هذه وبَيَّنَ أوهامَ بعض الموارد التي ينقلُ عنها، يساعده في ذلك سَعَةُ اطلاعِه ومعرفته التامة ودقته وتمحيصه للموارد، ولعل المثال الآتي، وهو واحد من أمثلةٍ عديدة في كتابه، يُوضحُ مدى عناية الذهبي بهذا الأمر قال في وفيات سنة ٣٠١ هـ: "محمد بن حبان بن الأزهر العبدي، أبو بكر القطان البصري. حَدَّثَ ببغداد عن أبي عاصم النبيل وعمرو بن مرزوق، وعنه أبو طاهر الذهلي وابن عدي وأبو بكر الجعابي والإسماعيلي وعمر بن محمد بن سبنك (١). ضعَّفَهُ الحافظُ محمد بن علي الصوري وكان قد نزل ببغداد، قال ابن سبنك: أول ما كتبت سنة ثلاث مئة عن ابن حبان ومات سنة إحدى. قلت: ومن طبقته:

محمد بن حُبان - بالضم أيضًا - بن بكر بن عمرو الباهلي البصري، نزل بغداد في المخرِّم، وحَدَّثَ عن أمية بن بسطام وكامل بن طلحة ومحمد بن منهال روى عنه الطبراني وأبو علي النيسابوري. وهو الأول (٢) بناء على أن "الأزهر" لقب "بكر" أو هو جد أعلى أو وقع وهم في نسبه. وقد وهم عبد الغني المصري الحافظ وقيده بالفتح (٣) وقال: حدثنا عنه الذهلي، قال: وبضم الحاء محمد بن حُبان حدث عنه أبو قتيبة سلم بن الفضل. قال الصوري: وهما واحد وهو بالضم. قلت (٤): ليس عند الطبراني عنه سوى حديث واحد عن كامل بن طلحة أورده عنه في معجميه الأصغر والأوسط، وهو ضعيف، وقال ابن مندة الحافظ: ليس بذاك. وأما ابن ماكولا فقال: محمد بن حَبان بن الأزهر الباهلي - بالفتح - عن أبي عاصم وعنه أحمد بن


(١) قيده الذهبي في المشتبه فراجعه هناك (ص ٣٥٢).
(٢) يبدو أن الذهبي استدرك على نفسه فيما بعد واعتبرهما واحدًا. ولما كان هذا القسم من "تاريخ الإسلام" لم يصل إلينا بخط المؤلف فمن الصعب أن نجزم بذلك وإن كنا نرجحه لقوله أولًا "قلت: ومن طبقته … إلخ".
(٣) انظر تفاصيل أوسع في توضيح المشتبه لابن ناصر الدين ٢/ ١٦٤ - ١٦٨.
(٤) الكلام للذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>