مكان نأوي إليه، فأشير على السلطان بإجابتهم، فسألوا أن يؤخرهم إلى قرب النيروز، ثم يتحولون، فأجابهم، وطلبوا منه مؤونة يوما بيوم فأجابهم إلى ذلك، هذا، وقصدهم المطاولة وانتظار فتن تتفق، أو حادث تجدد، ورتب لهم الوزير سعد الملك راتباً كل يوم، ثم بعثوا من وثب على أمير كان يجد في قتالهم، فجرح وسلم، فحينئذٍ خرب السلطان قلعة خالنجان، وجدد الحصار عليهم، فطلبوا أن ينزل بعضهم، ويرسل السلطان معهم من يحميهم إلى قلعة الناظر بأرجان، وهي لهم، وإلى قلعة طبس، وأن يقيم باقيهم في ضرس القلعة، إلى أن يصل إليهم من يخبرهم بوصول أصحابهم، فأجابهم إلى ذلك، وذهبوا، ورجع من أخبر الباقين بوصول أولئك إلى القلعتين، فلم يسلم ابن غطاس السن الذي احتموا فيه، ورأى السلطان منه الغدر والرجوع عما تقرر، فزحف الناس عليه عامة، في ثاني ذي القعدة، وكان قد قل عنده من يمنع أو يقاتل، وظهر منه بأس شديد، وشجاعة عظيمة، وكان قد استأمن إلى السلطان إنسان من أعيانهم فقال: أنا أدلكم على عورة لهم، فأتى بهم إلى جانب للسن لا يرام فقال: اصعدوا من هاهنا، فقيل: إنهم قد ضبطوا هذا المكان وشحنوه بالرجال، فقال: إن الذي ترون أسلحة وكزاغندات قد جعلوها كهيئة الرجال، وذلك لقلتهم، وكان جميع من بقي ثمانين رجلاً، فصعد الناس من هناك، وملكوا الموضع، وقتلوا أكثر الباطنية، واختلط جماعة منهم مع من دخل فسلموا، وأسر ابن غطاس، فشهر بأصبهان، وسلخ، فتجلد حتى مات، وحشي جلده تبناً، وقتل ولده، وبعث برأسيهما إلى بغداد، وألقت زوجته نفسها من رأس القلعة فهلكت، وخرب محمد القلعة. وكان والده السلطان جلال الدولة ملك شاه هو الذي بناها على رأس جبل، يقال: إنه غرم على بنائها ألفي ألف دينار ومائتي ألف دينار، فاحتال عليها ابن غطاس حتى ملكها، وأقام بها اثنتي عشرة سنة.
وفي صفر عزل الوزير أبو القاسم علي بن جهير، وكان قد وزر للخليفة ثلاثة أعوام وخمسة أشهر، فهرب إلى دار سيف الدولة صدقة بن مزيد ببغداد ملتجئاً إليها، وكانت ملجأً لكل ملهوف، فأرسل إليه صدقة من أحضره إلى الحلة، وأمر الخليفة بأن تخرب داره، ثم تقررت الوزارة في أول سنة إحدى وخمسمائة لأبي المعالي هبة الله بن المطلب.