جمعًا كبيرًا من العبيد وبعثهم، فأحاطوا به، فقاتلهم مماليكه ساعة، وجاءته ضربة فقُتل، ولم يستوزر الحافظ أحدًا من سنة ثلاث وثلاثين إلى أن مات.
قال سِبط الجوزي: فيها ظهر بمصر رجل من ولد نزار ابن المستنصر يطلب الخلافة، واجتمع معه خلق، فجهّز إليه الحافظ العساكر، والتقوا بالصعيد، فقُتل جماعة، ثم انهزم النزاري، وقُتل ولده.
وفيها أمر نور الدين بإبطال: حيّ على خير العمل، من الأذان بحلب، فعظُم ذلك على الإسماعيلية والرّافضة الذين بها.
وكان السلطان مسعود قد مكّن خاصّبك من المملكة، فأخذ يقبض على الأمراء، فتغيروا على مسعود، وقالوا له: إما نحن، وإما خاصّبَك، فإنه يحملك على قتلنا، وساروا يطلبون بغداد، ومعهم محمد شاه ابن السلطان محمود، فانجفل الناس واختبطوا، وهرب الشِحنة إلى تكريت، وقطع الجسر، وبعث المقتفي ابن العبّادي الواعظ رسولًا إليهم، فأجابوا: نحن عبيد الخليفة وعبيد السلطان، وما فارقناه إلا خوفًا من خاصّبَك، فإنه قد أفنى الأمراء، فقتل عبد الرحمن بن طُوَيرك، وعبّاسًا، وبُزَبَة، وتَتر، وصلاح الدين، وما عن النفس عوض، وما نحن خوارج ولا عُصاة، وجئنا لتُصلح أمرنا مع السلطان، وكانوا: ألبُقُش، وألدكز، وقيصر، وقرقوب، وأخو طُويرك، وطرنطاي، وعلي بن دُبيس، ثم دخلوا بغداد، فمدّوا أيديهم، وأخذوا خاص السلطان، وأخذوا الغلات، فثار عليهم أهل باب الأزَج وقاتلوهم، فكتب الخليفة إلى مسعود، فأجابه: قد برئت ذمة أمير المؤمنين من العهد الذي بيننا، بأنه لا يجنّد، فيحتاط للمسلمين، فجنّد وأخرج السُّرادقات، وخندق، وسدّ العقود، وأولئك ينهبون في أطراف بغداد، وقسّطوا الأموال على مَحال الجانب الغربي وراحوا إلى دُجيل وأخذوا الحريم والبنات، وجاؤوا بهنّ إلى الخيم.
ثم وقع القتال، وقاتلت العامة بالمقاليع، وقُتل جماعة، فطلع إليهم الواعظ الغزْنَوي فذمّهم وقال: لو جاء الفرنج لم يفعلوا هذا، واستنقذ منهم المواشي، وساقها إلى البلد، وقبض الخليفة على ابن صدقة، وبقي الحصار أيامًا، وخرج خلقٌ من العوام بالسلاح الوافر، وقاتلوا العسكر، فاستجرّهم