وهزاراتها وبلابلها تعجم وتعرب، وكم فيها من جوار ساقيات، وسواق جاريات، وأثمار بلا أثمان، وفاكهة ورمّان، وخيرات حسان.
وكونه تعالى أقسم به فقال: والتين والزّيتون - يدلّ على فضله المكنون. وقال صلّى الله عليه وسلّم: الشام صفوة الله من بلاده، يسوق إليها خيرته من عباده. وعامّة الصحابة اختاروا به المقام. وفتح دمشق بكر الإسلام.
وما ينكر أنّ الله تعالى ذكر مصر، لكنّ ذلك خرج مخرج العيب له والذّمّ؛ ألا ترى أنّ يوسف عليه السلام نقل منها إلى الشام؟
ثم المقام بالشام أقرب إلى الرّباط، وأوجب للنشاط. وأين قطوب المقطّم من سنا سنير؟ وأين ذرى منف من ذروة الشرف المنير؟ وأين لبانة لبنان من الهرمين؟ وهل هما إلاّ مثل السّلعتين؟ وهل للنّيل مع طول نيله وطول ذيله برد بردى في نفع العليل؟ وما لذاك الكثير طلاوة هذا القليل.
وإن فاخرنا بالجامع وفيه النّسر، ظهر بذلك قصر القصر، ولو كان لهم مثل باناس لما احتاجوا إلى قياس المقياس، ونحن لا نجفو الوطن كما جفوته، وحبّ الوطن من الإيمان. ونحن لا ننكر فضل مصر، وأنّه إقليم عظيم، ولكن نقول كما قال المجلس الفاضليّ: إنّ دمشق تصلح أن تكون بستانًا لمصر.
وفيها هجم السّلطان نابلس، وكان وصل لنجدته عسكر ديار بكر وعسكر آمد والحصن والعادل من حلب، وتقيّ الدين من حماة، ومظفّر الدّين صاحب إربل. هكذا ذكر أبو المظفّر في مرآته. قال: نازل الكرك ونصب عليها