وفي أول الحديث: قال أسير: كان رجل بالكوفة يتكلم بكلام لا أسمع أحدا يتكلم به، ففقدته فسألت عنه، فقالوا: ذاك أويس فاستدللت عليه وأتيته، فقلت: ما حبسك عنا؟ قال: العري. قال: وكان أصحابه يسخرون به ويؤذونه، فقلت: هذا برد فخذه، فقال: لا تفعل فإنهم إذن يؤذونني، فلم أزل به حتى لبسه، فخرج عليهم فقالوا: من ترون خدع عن هذا البرد! قال: فجاء فوضعه، فأتيت فقلت: ما تريدون من هذا الرجل؟ فقد آذيتموه والرجل يعرى مرة ويكتسي أخرى، وآخذتهم بلساني، فقضي أن أهل الكوفة وفدوا على عمر، فوفد رجل ممن كان يسخر به، فقال عمر: ما ها هنا أحد من القرنيين؟ فقام ذلك الرجل، فقال عمر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له أويس فذكر الحديث.
وروى نحو هذه القصة عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، وزاد فيها؛ ثم إنه غزا أذربيجان، فمات، فتنافس أصحابه في حفر قبره.
وعن علقمة بن مرثد، عن عمر - وهو منقطع - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يدخل الجنة بشفاعة أويس مثل ربيعة ومضر.
وقال فضيل بن عياض: حدثنا أبو قرة السدوسي، عن سعيد بن المسيب قال: نادى عمر بمنى على المنبر: يا أهل قرن، فقام مشايخ، فقال: أفيكم من اسمه أويس؟ فقال شيخ: يا أمير المؤمنين ذاك مجنون يسكن القفار لا يألف ولا يؤلف، قال: ذاك الذي أعنيه، فإذا عدتم فاطلبوه وبلغوه سلامي وسلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعادوا إلى قرن، فوجدوه في الرمال، فأبلغوه سلام عمر، وسلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فقال: عرفني أمير المؤمنين وشهر باسمي، اللهم صل على محمد وعلى آله، السلام على رسول الله، ثم هام على وجهه، فلم يوقف له بعد ذلك على أثر دهرا، ثم عاد في أيام علي فاستشهد معه بصفين، فنظروا فإذا عليه نيف وأربعون جراحة.