وكان يأوي إلى قمّين حمّام نور الدّين، ولمّا توفّي شيعه خلْقٌ لا يُحْصون من العامّة.
وقد بصّرنا الله تعالى وله الحمد وعرّفنا هذا النّموذج، وأنّ لهم شياطين تطمع فيهم لنقْص عقولهم، وتجري فيهم مجرى الدّم، وتتكلّم على ألسنتهم بالمُغيَّبات، فيضلّ النّاس، ويتألّهونهم، ويعتقدون أنّهم أولياء لله، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون. فقد عمّ البلاء في الخلق بهذا الضّرب، ولكن الله يثيب النّاس على حسن قصدهم، وإن جهلوا وأخطؤوا، ويغفر لهم بلا شكّ إذا كان قصدُهم ابتغاء وجهه الكريم.
وهذا زماننا فيه واحد اسمه إبراهيم بظاهر باب شرقيّ، له كشوفات كالشّمس، وما أكثرها. أقام أربع سنين في دُكّان برّا الباب، ثمّ تحوّل إلى قمين حمّام الفواخير، وهو زُطّيٌّ، سفيه، نجِس، قد أحرقته السّوداء، وله شيطان ينطق على لسانه، فما أجهل من يعتقد في هذا وشبهه أنّه وليّ لله، والله يقول في أوليائه:(الّذين آمنوا وكانوا يتقون)، وقد كان في الجاهليّة خلْقٌ من الكُهّان يخبرون بالمغيِّبات، والرُّهبان لهم كشْفٌ وإخبار بالمغيّبات، والسّاحر يخبر بالمغيّبات. وفي زماننا نساءٌ ورجالٌ بمهم مسٌّ من الجِنّ يخبرون بالمغيّبات على عدد الأنفاس.
وقد صنّف شيخُنا ابن تيْميّة غير مسألةٍ في أنّ أحوال هؤلاء وأشباههم شيطانيّة، ومن هذه الأحوال الشّيطانيّة الّتي تضلّ العامّة أكْلُ الحيّات، ودخول النّار، والمشْي في الهواء، ممّن يتعانى المعاصي، ويخلّ بالواجبات. فنسأل الله العون على اتّباع صراطه المستقيم، وأن يكتب الإيمان في قلوبنا، وأن يؤيّدنا بروحٍ منه، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد يجيء الجاهل فيقول: اسكُتْ لا تتكلّم في أولياء الله. ولم يشعر أنّه هو الّذي تكلّم في أولياء الله وأهانهم، إذْ أدخل فيهم هؤلاء الأوباش المجانين أولياء الشّياطين، قال الله تعالى:(وإنّ الشّياطين ليُوحُون إلى أوليائهم لِيُجادلوكم) ثمّ قال: (وإنْ أطعْتموهم إنّكم لمُشركون)، وما اتّبع النّاس الأسود العنسيّ ومُسيلمة الكذّاب إلاّ لإخبارهما بالمغيّبات، ولا عُبدت الأوثان