للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجماعة مجرحين وصلوا إلى قارة وأن أمر المصاف متماسك بعد ولم يدروا ما تم بعدهم، فأخفى أرجواش نائب القلعة ذلك، فما أمسينا حتى أشهر أن الميمنة انكسرت. ثم قيل إن الجيش جميعه انكسر، فبتنا بليلة الله بها عليم وفترت الهمم عن الدعاء. ودقت البشائر من الغد تطمينًا ثم تبين كذبها. ثم أرسل أرجواش الأنهار على خندق البلد. ثم دقت البشائر عصر يوم الجمعة، فلم يعبأ بها الناس، بل بقوا حائرين في هرج ومرج. وجاء يومئذ خلق من الجند والأمراء، قد وقفت خيولهم وراحت أثقالهم وأمولهم وتمزقوا وقد رموا الجواشن. واستشهد في المصاف جماعة إلى رحمة الله. وشرع الناس في الهرب إلى مصر. وبات الناس ليلة السبت في أمر عظيم، قد أشرفوا على خطة صعبة وبلغنا أن التتار قتل منهم خمسة آلاف وقيل عشرة آلاف. ولم يقتل من الجيش إلا دون المائتين.

حدثني ضوء بن صباح الزبيدي قال: ما رأيت أنفع من الخاصكية لقد رأيتهم على باب حمص يحملون على التتار عند اصفرار الشمس وينكون في التتار، ثم يرجعون إلى السلطان.

وقال غيره: ألقى الله الهزيمة فولوا مدبرين بعد العصر وبقيت العدد والأمتعة ملقاة قد ملأت تلك الأرض والرماح والجواشن والخوذ.

وأما نحن، فشرع الناس يتحدثون في أمر التتار ويذكرون عنهم خيراً وأن ملكهم مسلم وأن جيشه لم يتبعوا المنهزمين. وبعد تمام الوقعة لم يقتلوا أحدًا. وأن من وجدوه أخذوا فرسه وسلاحه وأطلقوه. وكثرت الحكايات من هذا النمط، حتى قال إنسان كبير: اسكت، هؤلاء خير من عسكرنا وانخدع الناس.

وفي يوم السبت الظهر وقع بالبلد صرخات وصياح مزعج وخرج الناس وتهتكت النساء وقيل: دخل التتار. وازدحم الناس في باب الفرج، حتى مات نحو العشرة، منهم النجم البغدادي الذي يقرأ الغزوات تحت قبة عائشة. ثم سكنت بعد لحظة من غير أصل. فاجتمع أعيان البلد وتحدثوا في المصلحة. وهم فخر الدين ابن الشيرجي ناظر البلد وعز الدين ابن القلانسي ووجيه الدين ابن المنجى وعز الدين ابن الزكي والشريف زين الدين ابن