عدنان، وسافر مع الجمال ليلتئذ قاضي البلد إمام الدين والقاضي المالكي والمحتسب وابن النحاس الوالي، وامتلأت الطرقات بأهل الغوطة والحواضر، وأحرق أهل حبس باب الصغير الحبس، وخرجوا كلهم، وكانوا أكثر من مائتين، وكسروا أقفال باب الجابية وخرجوا منه.
وأصبح الناس يوم الأحد ثاني ربيع الآخر في خمدة وحيرة، منهم الهارب بأولاده إلى مصر، ومنهم الطامع في عدل التتار، وأنهم مشى بهم الحال نوبة هولاكو، وهم وملكهم كفار، فكيف وقد أسلموا.
ثم اجتمع الكبار بمشهد علي، واشتوروا في الخروج إلى الملك وطلب الأمان، فحضر ابن جماعة والفارقي، وابن تيمية، والوجيه ابن منجى، والقاضي نجم الدين ابن صصرى، وعز الدين ابن القلانسي، والصاحب ابن الشيرجي، وشرف الدين ابن القلانسي، وأمين الدين ابن شقير، وعز الدين ابن الزكي، ونجم الدين ابن أبي الطيب، وشهاب الدين الحنفي، وغيرهم.
وطلعوا ظهر يوم الاثنين بهدايا للأكل في نحو مائتي نفس، ونودي في البلد من جهة أرجواش: لا يباع من عدد الجند شيء، فسلطانكم باق، وأبيعت الخيل والعدد بأقل ثمن، وبقي البلد بلا والٍ ولا قاض، أما قاضيه الشافعي فهرب هو والمالكي، وأما الحنفي فشهد المصاف وعدم، وأما الحنبلي فإنه أقام بأهل الصالحية ورجوا الخير، وأما محتسب البلد ومشده فهربا، وغلا الخبز، وكثر الشر والهرج، وبقينا كذلك إلى آخر يوم الخميس، وغلا سعر الطحين وسعر الخبز لعدم الطواحين، وعدم الخطب، وقلته في الأفرنة.
وقد كان الشريف القمي بادر إلى المسير إلى التتار، فرجع يوم الخميس ومعه أربعة من التتار، على واحد منهم ثياب المسلمين وكلوته شاش دخاني، ومروا بالمطرزيين يجهرون بالشهادتين، والناس يتسلون بإسلامهم ويطمئنون شيئًا، فلما أصبح نهار الجمعة لم يفتح للبلد باب، ثم كسر قفل باب توما، كسره نائب الوالي الشجاع همام وابن ظاعن، ولم يذكر في الخطبة سلطان، ثم بعد الصلاة وصل إلى ظاهر المدينة جماعة من التتار معهم الملك إسماعيل قرابة قازان، فنزلوا ببستان الظاهر الذي عند الطرن، وحضر معه الفرمان من الملك بالأمان، ونادوا في البلد: افتحوا حوانيتكم، وطيبوا قلوبكم، وادعوا للملك محمود غازان، وقدم كبراء البلد، فذكروا أنهم التقوا قازان بالنبك فوقف