للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لهم وأكل مما قدموا له، وكان المتكلم الصاحب ابن الشيرجي والذي دعا للملك الخطيب ابن جماعة، وقالوا لهم: قد بعثنا لكم الأمان قبل أن تجيئوا.

وذكروا أن الملك ينزل بالمرج، وأنه لا يفتح إلا باب واحد.

وحضر يوم السبت إسماعيل ومعه الأمير محمد في خدمتهما طائفة من التتار إلى مقصورة الخطابة بعد الظهر فجلسا بها، وحضر الخطيب وابن القلانسي، وابن الشيرجي، وابن منجى، وابن صصرى، وطائفة، واجتمع الخلق لسماع الفرمان، قرأه رجل من أعوان التتار، وبلغ عنه المجاهد المؤذن، وهو: بقوة الله تعالى، ليعلم أمراء التومان والألف والمائة وعموم عساكرنا من المغول والتازيك والأرمن والكرج وغيرهم ممن هو داخل تحت طاعتنا، أن الله لما نور قلوبنا بنور الإسلام وهدانا إلى ملة النبي ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ ولما سمعنا أن حكام مصر والشام خارجون عن طرائق الدين، غير متمسكين بأحكام الإسلام، ناقضون لعهودهم، حالفون بالأيمان الفاجرة، ليس لديهم وفاء ولا ذمام ولا لأمورهم التئام ولا انتظام، وكان أحدهم إذا تولى ﴿سَعَى فِي الأَرْضِ﴾ الآية، وشاع أن شعارهم الحيف على الرعية، ومد الأيدي الباغية إلى حريمهم وأموالهم، والتخطي عن جادة العدل والإنصاف، وارتكابهم الجور والاعتساف، حملتنا الحمية الدينية والحفيظة الإسلامية على أن توجهنا إلى تلك البلاد لإزالة هذا العدوان، مستصحبين للجم الغفير من العساكر، ونذرنا على أنفسنا: إن وفقنا الله تعالى بحوله وقوته لفتح تلك البلاد أن نزيل العدوان والفساد، ونبسط العدل في العباد، ممتثلين الأمر المطاع الإلهي ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ﴾ الآية، وإجابة إلى ما ندب إليه الرسول المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم، وما ولوا (١)، وحيث كانت طويتنا مشتملة على هذه المقاصد الحميدة، والنذور الأكيدة، من الله علينا بتبلج تباشير النصر المبين، وأتم علينا نعمته


(١) حديث صحيح. أخرجه الحميدي (٥٨٨)، وأحمد ٢/ ١٦٠، ومسلم ٦/ ٧، والنسائي ٨/ ٢٢١ من حديث عبد الله بن عمرو.