للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في طائفة فنزلوا بالميدان، وتكلموا مع متولي القلعة علم الدين أرجواش المنصوري وراسلوه في تسليم القلعة وأشاروا عليه بذلك، فلم يقبل وصمم، وكانت خيرة، ثم أمروا أعيان البلد بالمشي إليه من الغد، فاجتمعوا به وسألوه وقالوا: هذا فيه حقن لدماء المسلمين، فلم يلتفت عليهم وقد حصن القلعة وهيأ جميع أمورها وسترها وطلع إليها جماعة كبيرة من البلد.

ويوم الثاني عشر منه، دخل السلطان وجمهرة جيشه إلى القاهرة.

وفي هذا اليوم دخل قبجق إلى البلد وجلس بالعزيزية، وأمر الأعيان بمراجعة أرجواش، فكلموه فلم يجبهم وأهانهم، ووقفوا كلهم عند باب القلعة وطلبوا منه رسولاً فأبى، فبعثوا من كلمه، فأغلظ لهم وقال: أنتم منافقون، تلقيتم التتار وسلمتم إليهم البلد وجسرتموهم، ومع هذا فهذه بطاقة صاحب مصر وأنهم اجتمعوا على غزة، وأنهم كسروا الطائفة التي تبعتهم.

وكان المقدم بولاي قد ساق وراء العساكر في نحو عشرة آلاف، فوصل إلى غزة وخرب البلاد وسبى ونهب.

ويوم الخميس ثالث عشر الشهر تحدث الناس بصلاة قازان الجمعة في البلد، فقلق الناس ودربوا الدروب وردموا خلف أبوابها الطين والحجارة.

وكثر دخول التتار إلى بيوت الناس يفتشون على الخيل ويأخذونها ويخطفون ويؤذون، وبات ليلتئذ قبجق عند عز الدين ابن القلانسي، وخطب الخطيب يوم الجمعة بالبلد، وأقام الدعوة للسلطان مظفر الدين محمود غازان ورفع في لقبه، وذلك بحضرة جماعة من المغول، ثم صعد بعد الصلاة قبجق وإسماعيل إلى السدة ودعا عبد الغني المؤذن وذكر ألقاب قازان، ثم قرئ على الناس تولية قبجق لنيابة الشام وأن إليه تولية قضاتها ونوابها، وبلغ الناس عبد الغني، ونثروا على الناس الذهب والدراهم، وحصل فرح ما بتولية قبجق، وتعب قبجق بالتتار كل التعب، ولكنه كان شاطرًا ذا دهاء ورأي وخبرة، قد عرف سياستهم، ونزل شيخ الشيوخ الذي لقازان ولقبه نظام الدين محمود بن علي الشيباني بالمدرسة العادلية، وأظهر العتب على الرؤساء إذ لم يترددوا إليه، وزعم أنه يصلح أمرهم ويتفق معهم على ما يُفعل في أمر القلعة، وأظهر أن قبجق وأمثاله من تحت أوامره.