وقال أحمد بن إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني: حدثنا أبي، عن أبيه، قال: لما نزل مسلم بن عقبة المدينة دخلت مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فجلست إلى جنب عبد الملك، فقال لي عبد الملك: أمن هذا الجيش أنت؟ قلت: نعم. قال: ثكلتك أمك، أتدري إلى من تسير؟ إلى أول مولود ولد في الإسلام، وإلى ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى ابن ذات النطاقين، وإلى من حنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما والله إن جئته نهارا وجدته صائما، ولئن جئته ليلا لتجدنه قائما، فلو أن أهل الأرض أطبقوا على قتله لأكبهم الله جميعا في النار. فلما صارت الخلافة إلى عبد الملك، وجهنا مع الحجاج حتى قتلناه.
وقال ابن عائشة: أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف في حجره، فأطبقه وقال: هذا آخر العهد بك.
وقال الأصمعي: حدثنا عباد بن مسلم بن زياد، عن أبيه قال: ركب عبد الملك بن مروان بكرا، فأنشأ قائده يقول:
يأيها البكر الذي أراكا عليك سهل الأرض في ممشاكا ويحك هل تعلم من علاكا خليفة الله الذي امتطاكا لم يحب بكرا مثل ما حباكا فلما سمعه عبد الملك قال: إيها يا هناه، قد أمرت لك بعشرة آلاف درهم.
وقال الأصمعي: قيل لعبد الملك: يا أمير المؤمنين، عجل عليك الشيب، فقال: وكيف لا، وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة.
وروى عبيد الله بن عائشة، عن أبيه قال: كان عبد الملك إذا دخل عليه رجل من أفق من الآفاق قال: اعفني من أربع، وقل بعدها ما شئت: لا تكذبني فإن المكذوب لا رأي له، ولا تجبني فيما لا أسألك، فإن فيما أسألك عنه شغلا، ولا تطرني فإني أعلم بنفسي منك، ولا تحملني على الرعية، فإني إلى الرفق بهم أحوج.
وقال يحيى بن بكير: سمعت مالكا يقول: أول من ضرب الدنانير عبد الملك، وكتب عليها القرآن.
وقال مصعب بن عبد الله: كتب عبد الملك على الدينار: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وفي الوجه الآخر: لا إله إلا الله، وطوقه بطوق فضة، وكتب