به، فاختلفا طعنتين، فعقر بأبي قتادة، وقتله أبو قتادة، وتحول على فرس الأخرم. ثم إني خرجت أعدو في أثر القوم حتى ما أرى من غبار أصحابي شيئا. ويعرضون قبل المغيب إلى شعب فيه ماء يقال له ذو قرد، فأرادوا أن يشربوا منه، فأبصروني أعدو وراءهم، فعطفوا عنه وأسندوا في الثنية، ثنية ذي تير، وغربت الشمس، فألحق رجلا فأرميه فقلت: خذها وأنا ابن الأكوع. قال: فقال: يا ثكل أمي، أكوعي بكرة؟ قلت: نعم يا عدو نفسه، وكان الذي رميته بكرة، فأتبعته سهما آخر فعلق به سهمان. ويخلفون فرسين فجبذتهما أسوقهما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الماء الذي جليتهم عنه ذو قرد، فإذا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - في خمس مائة، وإذا بلال قد نحر جزورا مما خلفت، فهو يشوي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقلت: يا رسول الله خلني فأنتخب من أصحابك مائة واحدة فآخذ على الكفار بالعشوة فلا يبقى منهم مخبر قال: أكنت فاعلا يا سلمة؟ قلت: نعم، والذي أكرمك. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى رأيت نواجذه في ضوء النار. ثم قال: إنهم يقرون الآن بأرض غطفان. فجاء رجل من غطفان فقال: مروا على فلان الغطفاني فنحر لهم جزورا، فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة، فتركوها وخرجوا هرابا.
فلما أصبحنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة. وأعطاني سهم الراجل والفارس جميعا. ثم أردفني وراءه على العضباء راجعين إلى المدينة.
فلما كان بيننا وبينها قريبا من ضحوة، وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق، فجعل ينادي: هل من مسابق؟ وكرر ذلك. فقلت له: أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا؟ قال: لا، إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي خلني فلأسابقه. قال: إن شئت. قلت: اذهب إليك. فطفر عن راحلته، وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة. ثم إني ربطت عليه شرفا أو شرفين - يعني استبقيت نفسي - ثم إني عدوت حتى ألحقه فأصك بين كتفيه